هي مهنة بسيطة وليست ذات قيمة في نظر البعض، لكنها استطاعت أن تؤمن معيشة 22 شخصاً من عائلة واحدة. عبد الكريم السموني الملقب بـ "أبو محمد" من مدينة غزة، امتهن بيع "الترمس والفول النابت" منذ سنوات طويلة، بعدما تعلم أسرار هذه المهنة من والده، وبات اليوم من أكثر البائعين شهرة في القطاع.
بدأ أبو محمد (53 عاماً) مشواره المهني، وهو في سن الثانية عشرة من عمره عندما كان يساعد والده في بيع الترمس والفول إلى جانب المكسرات.
يقف أبو محمد وراء عربته في المنطقة القديمة لشارع عمر المختار وسط مدينة غزة بالقرب من بيته. يقول" كنت أحلم بإكمال دراستي الثانوية، لكن الظروف الاقتصادية منعتني من تحقيق ذلك، وبدأت العمل مع والدي، حيث أكملت مسيرته"،
ويشير إلى أنه يعمل منذ ما يقارب الثلاثين عاماً في بيع الترمس والفول على العربة، حيث يعيل أسرة مكونة من 22 فرداً من الأبناء والأحفاد "وجميعهم يعيشون على رزق هذه العربة".
يعد الترمس صنفاً هاماً من الأصناف المرغوبة شعبياً في قطاع غزة إسوة بالمكسرات، حيث يكثر بيعه في الأسواق وأماكن الترفيه وعلى أبواب المدارس والحارات، والأزقة الشعبية.
يشرح أبو محمد كيفية إعداد منتجات الترمس والفول، فيقول "إن طريقة تحضير الترمس والفول سهلة، لكنها تحتاج إلى خبرة وممارسة حتى تخرج بجودة عالية". ويضيف "أقوم أولاً بشراء المواد الخام من أسواق غزة بالمواصفات العالية، بعدها أقوم بوضع الترمس في الماء لمدة يومين، ثم أبدأ عملية سلقه على نار هادئة، ليوضع بعد ذلك في أوان خاصة، وبعدها أقوم بتغيير الماء يومياً لمدة أسبوع حتى يصبح طعمه حلو المذاق وجاهزاً للبيع".
يساعد أبو محمد في عمله أولاده التسعة بجانب ثلاث من بناته، هذا بالإضافة إلى زوجته. يؤكد أبو محمد أن عربة الترمس والفول مكنته من تأمين كافة مستلزمات عائلته، وساهمت بتعليم أولاده حتى إنهاء المرحلة الجامعية.
شهرة واسعة
يعد أبو محمد من البائعين القدماء في غزة، فهو يتميز بالشهرة الواسعة نتيجة جودة ونظافة منتجاته، وحسن المعاملة مع زبائنه، يقول "لدي زبائن من كافة مناطق قطاع غزة، كما أن زبائني من كافة الأعمار، صغار وكبار يأتون إلى عربتي لشراء الترمس والفول".
يشير أبو محمد إلى أن هناك أيضاً العديد من الشخصيات المرموقة من جميع المستويات تفضل شراء الترمس والفول من عربته، موضحاً أن "الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وزوجته من أبرز الزبائن، فقد كانت زوجة الرئيس الراحل تأتي خصيصاً لشراء الترمس من عربتي، إضافة إلى وزراء الحكومة وأعضاء البرلمان الفلسطيني، والأطباء وأساتذة الجامعات، كما أن هناك العديد من الزبائن الذين يشترون منتجاتي ويتم إرسالها إلى أقاربهم خارج القطاع".أبو محمد الطحلة (57 عاماً) من أقدم زبائن عربة الترمس والفول.
يقول" منذ طفولتي وانا أشتري يومياً الترمس من هنا، خاصة وأن الترمس الذي يباع على هذه العربة مشهود له بالنظافة والطعم اللذيذ".
يتمتع أبو محمد السموني بجوانب إنسانية بارزة في شخصيته.
فهو دائم العطاء وكل من يشاهده يرى كرمه وحسن ضيافته في تقديم حفنات من الترمس للمارة من الناس، وتحديداً الطبقة الفقيرة والأطفال وطلاب المدارس.
يقول أبو محمد "أنا أعطي ليزداد رزقي، وتزداد محبة الناس لي، كما أنني أحث أبنائي دائماً على العطاء مجاناً وفعل الخير".
يرى أبو محمد أن مهنته مهمة جداً لصحة الإنسان، خاصة وأن للترمس فوائد عديدة.
يقول "أشعر بالفخر وأنا أبيع الترمس الذي يفيد تناوله، فهو مفيد للكلى والكبد وللبشرة والمسالك البولية، باعتباره من النباتات صاحبة الأصول المرة، إذ إن العديد من الأدوية يتم استخلاصها من الأصناف المرة، ويستفيد جسد الإنسان من تناول حبات الترمس".
لا يخفي أبو محمد أن الوضع الاقتصادي المتردي في غزة قد أثر على حركة البيع، ويقول: "في الماضي كانت حركة البيع أفضل من الوقت الحالي، بينما اليوم بالكاد أستطيع تغطية التكاليف في ظل ارتفاع أسعار الترمس الخام، وزيادة أعداد البائعين بسبب البطالة المرتفعة".
نقلا عن العربي الجديد