الاقتصادي- الأناضول- منذ 20 يومًا والآلاف من عمال قطاع غزة متواجدون في الضفة الغربية، بعد قيام سلطات الاحتلال بطردهم من أماكن عملهم داخل أراضي الـ48، منذ بدء العدوان على الاحتلال في 7 أكتوبر الجاري.
واستقبلت مدن الضفة الغربية آلاف العمال من القطاع، العاملين في الداخل.
ويتواجد في مركز رام الله الترويحي وسط المدينة، نحو 1200 عامل، متحدثين في شهادات متفرقة عن معاناتهم وخوفهم على عائلاتهم ومن الملاحقة الإسرائيلية لهم في الضفة.
العامل إسلام نادي (61 عاما) من معسكر جباليا، قال إنه "فقد 28 فردا من عائلة زوجته في قصف إسرائيلي"، موضحا أن مخاوفه "تزداد يوما بعد آخر من أن يطال القصف عائلته".
ويمضي "نادي" ساعات طويلة ممسكا بهاتفه المحمول، ينتظر رسالة أو اتصالا هاتفيا من عائلته للاطمئنان عليهم.
وأوضح أن "نحو 70 نفرا يعيشون في بيت واحد الآن بفعل القصف الذي طال منازل العائلة (الكبيرة)، وعندما اتصل بهم يقول نحن حتى الساعة نتنفس وعلى قيد الحياة، لكن لا نعرف ماذا سيحدث بعد ثوان أو دقائق".
العودة إلى غزة
ويصر العامل نادي على العودة إلى غزة قائلا: "هناك أرضي وبيتي، ورغم الحرب أريد العودة من جديد، لأشارك عائلتي المصير مهما كان".
عمل نادي في مدينة "اللد" في الداخل لعدة أشهر، غير أن الحرب الأخيرة ألقت به على قارعة الطريق بعد طرده من عمله، ما دفعه للذهاب إلى الضفة الغربية.
ويقول نادي: "قصتنا من أين نبدأ بها؟ المعاناة في كل جانب وكل تفصيله".
ورغم توفير السلطة الفلسطينية لعمال القطاع المسكن والطعام في رام الله، لكن "نادي" يخشى الملاحقة الإسرائيلية حيث قال إنه "لا أمن هنا، فعادة ما يقتحم الجيش الإسرائيلي رام الله، ما يجعلنا عرضة للاعتقال".
وبالمثل، قال رضوان عصفور (52 عاما) إن عائلته نزحت من بلدة عبسان الصغيرة بخان يونس، وإنه "لا يعلم شيئا عن منزلهم".
وأضاف: "نعيش وجع البعد والفقد، فكل يوم نفقد عزيزا وأصدقاء وأقارب، البيوت تحولت إلى ركام، والقادم مجهول".
وعادة ما يتصل عصفور بعائلته موضحا أنه "اذا اتصلنا ولم نحصل على رد، نعيش في رعب، ونخشى كل يوم فقدان أفراد من عائلاتنا".
ورغم استمرار الحرب لعشرين يوما، يقول عصفور: "لن نغادر غزة، وسنعود إليها، وسنبقى هناك. لا يمكن لأي قوة أن تهجرنا مهما كلف الأمر".
"تعب السنين ذهب في ثوان"
من جهته، قال الشاب عصمت نادر (33 عاما) إنه فقد منزله المكون من 3 طوابق في قصف إسرائيلي على مدينة غزة.
وأضاف: "تعب كل هذه السنوات ذهب في ثواني، العائلة مشردة بين المستشفيات ومدارس الأونروا (وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين)".
العامل سمير نوفل (55 عاما) بدوره قال، إنه خسر أحد أفراد عائلته في الحرب، حيث استشهد أثناء ذهابه إلى مزرعته في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وأضاف: "تعيش عائلتنا في رعب وقتل دون تفريق بين مدني وعسكري"، مشيرا إلى أن العائلة "نزحت إلى مدارس الأونروا، والاتصال بهم نادر بسبب قطع الكهرباء" من قبل إسرائيل.
وبين الوجوه التي ترقب هواتفها في مجمع رام الله الترويحي قصص كبيرة من المعاناة والفقد، غير أن الكثير من العمال يرفضون الحديث للصحافة خشية الملاحقة الإسرائيلية.
وفي السياق، أوضحت أماني سراحنة، مسؤولة الإعلام بنادي الأسير الفلسطيني، أن الجيش الإسرائيلي اعتقل عددا من عمال غزة خلال مداهمات لمدن وبلدات في الضفة الغربية.
وأشارت سراحنة في حديثها إلى أنه "لا يوجد معلومات دقيقة بشأن عدد العمال المعتقلين، وأماكن تواجدهم وظروف اعتقالهم".
ويواصل جيش الاحتلال منذ السابع من أكتوبر عدوانه غير المسبوق على القطاع، ما أسفر عن استشهاد الآلاف من المدنيين في القطاع.