على امتداد أحد أرصفة سوق الخضار المركزي في مدينة رام الله، وسط الضفة الفلسطينية، تَعْرضُ عشرات النساء المزارعات، نتاج أراضيهن من الخضار والفواكه ومشتقات الحليب، وبعض أصناف المخللات للبيع.
ووجدت تلك النسوة ومعهن بعض الرجال، أن العودة إلى الأرض لتوفير احتياجات عائلاتهم من الخضار والفواكه وحتى اللحوم ومشتقات الحليب، أداة لتوفير مصاريف العديد من السلع الأساسية، ومهنة لتسويق الفائض من نتاج الأرض ومزارع الحيوانات، إلى مستهلكين آخرين.
وخلال العام الماضي، ارتفعت أسعار المستهلك (التضخم)، في الأراضي الفلسطينية بنسبة 1.88%، في حين ارتفعت خلال العقد الماضي (2005 - 2014)، قرابة 40%، وفق أرقام صادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، حسب تقرير لوكالة الأناضول.
- توفير
بهية سليم، من بلدة الجيب قرب القدس، تأتي بشكل يومي إلى مدينة رام الله بهدف البيع، وتقول إنها توفر 70% من الخضار، و40% من الفواكه، و60% من اللحوم من احتياجات منزلها سنوياً.
وتضيف بهيّة: "أستطيع القول إننا شهرياً نوفر نصف مصروفاتنا بالضبط، أي ما قيمته 1200 شيكل (315.7 دولاراً أمريكي) من مصروفات البيت، نحن نزرع الخضار ونجفف ونفرز بعضها لموسم الشتاء، وننتج اللحوم ومشتقاتها".
وتتابع: "الفائض من الزراعة أو مشتقات الحليب وبيض الدجاج، نقوم ببيعه أولاً بأول في سوق رام الله، هناك المستهلكون يبحثون عن المنتجات الخالية من الهرمونات أو المواد الحافظة، لذا يجدون حاجتهم لدينا على رصيف سوق الخضار".
- وظيفة مساندة
ويرى المتحدث الرسمي باسم وزارة الاقتصاد الوطني في حكومة التوافق الفلسطينية، عزمي عبد الرحمن، أن العودة إلى الاقتصاد المنزلي مؤخراً، "في كل مكان، وليس فقط في القرى، في قطاعات الزراعة والثروة الحيوانية، والمطرزات بأنواعها، وصناعة الصابون".
يقول عبد الرحمن: "الاقتصاد المنزلي يعتبر وظيفة مساندة إلى جانب الوظيفة الرئيسية لرب الأسرة، وحتى اللحظة لا يمكن اعتبارها بديلاً عن المهنة الرئيسية".
غير أنه أشار إلى استغلال طاقات كامنة لدى الأسر الفلسطينية، قادرة على الإنتاج أثناء وجودها في المنزل، لافتاً إلى أن "هذه الطاقات تكتفي ذاتياً في العديد من السلع، وتوفر أموالاً أيضاً لمواجهة تكاليف المعيشة".
وتشهد أسعار السلع الأساسية من الخضار والفواكه، واللحوم البيضاء والحمراء ومشتقاتها، ارتفاعات كبيرة في غالبية أوقات السنة، لدرجة أن سعر كيلو لحم الخروف الطازج يبلغ في السوق المحلية 90 شيكل (23.6 دولاراً أمريكي)، بنسبة ارتفاع عن مطلع العام الجاري بنسبة 22.3%.
وذكر المتحدث باسم وزارة الاقتصاد، أن الفترة المقبلة ستشهد تنفيذ خطة في وزارته تهدف إلى مساعدة هذه العائلات على تطوير أساليب التسويق لمنتجاتهم المنزلية، "خاصة وأن السوق المحلية تعاني من نقص في فرص العمل الجديدة".
- بس بلدي
وحققت فكرة افتتاح محل تجاري في رام الله، قبل عدة شهور، يبيع فقط المنتجات الزراعية والحيوانية المصنعة داخل المنازل، والجمعيات التعاونية العاملة على تشجيع الاقتصاد والإنتاج المنزلي، نجاحاً، واستمرارية في العمل والإنتاج والبيع.
وحمل المحل التجاري اسم "بس بلدي"، الذي يرى فيه أحد القائمين على المشروع فادي موسى، مرحلة انتقال من الحصول على دعم خارجي، إلى مرحلة الإنتاج والاكتفاء الذاتي، لأكثر من 30 ألف فرد في المناطق الريفية المهمشة في الضفة.
كما يهدف مشروع "بس بلدي"، طبقاً لموسى إلى محاولة "العودة بالمستهلك الفلسطيني إلى المنتجات الطبيعية البعيدة عن أية مواد مصنعة، ودعم القائمين على المشروع ليكون مصدر رزق لهم".
وختم موسى بقوله: "اليوم وبعد عدة شهور من افتتاح المشروع، فإن مئات العائلات التي نتعاون معها، أصبح لديها دخل شهري متزايد"، مشيراً إلى أن المشروع نجح في تطوير الدورة الاقتصادية لتلك العائلات، وتمكينها مالياً.
ويعد هذا الشكل من الإنتاج غير رسمي بحسب دائرة الضريبة في وزارة المالية الفلسطينية، التي أشارت إلى أن أية مشاريع لا تلتزم بدفع ما عليها من ضرائب فهي غير قانونية.
إلا أن المتحدث باسم وزارة الاقتصاد الوطني، يرى بأن هذه العائلات لم تصل بعد إلى مرحلة تنظيم اقتصادهم المنزلي، من خلال تسجيل نشاطهم في الغرف التجارية ووزارة الاقتصاد، وهنا الحديث عن صغار المزارعين، أو منتجي السلع بأنواعها.
نقلا عن الخليج اون لاين