تحاول السلطات الإسرائيلية تدمير جميع القطاعات الإنتاجية في المدن الفلسطينية، في أسلوب ممنهج لتدمير الاقتصاد، والقضاء على الصناعات التي تشكل المصدر الرئيسي للسكان.
فبعد مضيّ ثماني سنوات على قرار سلطات الاحتلال بإيقاف استيراد المواد الخام من قبل المصانع الفلسطينية، باتت دباغة وصناعة الجلود في محافظة الخليل مهددة بالانقراض.
ويزعم الاحتلال أن السبب الرئيسي لمنع إدخال المواد المستخدمة في عملية دباغة الجلود هو الحفاظ على البيئة، إلا أنه، وبحسب نور الزعتري، أحد أصحاب المدابغ، فإن سلطات الاحتلال قامت بمنع دخول حامض الكبريتيك، وغيره من المواد المستعملة في عملية الدباغة، لأسباب أمنية.
من جهتها، تؤكد رئيسة سلطة جودة البيئة الفلسطينية، عدالة الأتيرة أن قرار سلطات الاحتلال أدى إلى إغلاق 10 مصانع لدباغة الجلود من أصل 13 في الخليل.
وتوقعت الأتيرة أن تتوقف بقية المصانع حال نفاد مخزونها من المواد الخام، وعدم سماح سلطات الاحتلال بإدخالها مجدداً.
إلى ذلك، تدين الأتيرة القرار الإسرائيلي بحجة الحفاظ على البيئة، في الوقت الذي تستهدف فيه سلطات الاحتلال الإنسان والبيئة بشكل ممنهج وعلى حد سواء، من خلال دفن نفاياتها في الأراضي الفلسطينية.
وتشدد الأتيرة على ضرورة إيجاد حل استراتيجي ـ بيئي لمعالجة المياه العادمة الخارجة من صناعة دباغة الجلود، والتي يدعي الاحتلال أنها السبب الرئيسي لمنع إدخال المواد المستخدمة في عملية الدباغة إلا بعد التأكد من عملية التخلّص السليم من المياه العادمة، رغم أن الاحتلال أوقف سابقاً وحدة معالجة للمياه الصناعية لدواعٍ أمنية ولعدم توفر مواد كيماوية تشغيلية لها.
وتعتبر الأتيرة أن الاحتلال يسعى إلى تدمير الاقتصاد الفلسطيني المحلي، في ظل التنمية الاقتصادية التي يسهم بها القطاع الصناعي، مشددة على ضرورة الحفاظ على الصناعة الوطنية وعلى مكونات البيئة الفلسطيينة.
يذكر أن صناعة دباغة الجلود تعتبر من الصناعات الرائدة التي اشتهرت بها محافظة الخليل منذ مئات السنين، وتشكل مصدراً وحيداً لتوفير المواد الخام للمصانع الفلسطينية، التي تعتمد من خلالها على صناعة الأحذية والملابس الجلدية.
كما أن دباغة الجلود في فلسطين مهنة يجري توارثها من جيل إلى جيل، حتى أصبحت تلعب دوراً اقتصادياً ثانوياً عند مقارنتها ببقية الصناعات التحويلية، إلا أن الإنتاج على نطاق واسع بدأ منذ مطلع الثلاثينات من القرن الماضي، مع بناء ثلاث مدابغ في المدينة. وقد شهدت صناعة الدباغة تطوراً وتوسعاً كبيرين منذ مطلع السبعينات ليبلغ عددها 13 مدبغة.
يقول رئيس اتحاد الصناعات الجلدية، محمد الزعتري، لـ"العربي الجديد"، إن الحرفة دخلت بمراحل تطور واتساع بعد بناء ثلاث مدابغ في الخليل، في ثلاثينات القرن الماضي".
ويضيف الزعتري أن "الاحتلال كعادته يضع العراقيل في طريق أي تقدم صناعي واقتصادي، فدباغة الجلود تعتمد بالأساس على مادة الكروم، حيث منعت سلطات الاحتلال دخولها العام الماضي إلى الأراضي الفلسطينية، ما أدى إلى إغلاق عدد من المصانع".
ويشير الزعتري إلى أنه في العام 2003، قام أصحاب المدابغ وبالتعاون مع الوكالة الأميركية للتنمية، بإنشاء محطة خاصة للمياة الملوثة لتنقيتها من الكروم، عبر تخزينه في حجرات خاصة، بحيث يجمّع ويعاد استخدامه لعدة مرات في الدباغة، ما كان يوفر عليهم الكثير من المال الذي ينفق اليوم على شراء الكروم، الى أن قام الاحتلال بوقف إدخال مادة الكبريتيك الأساسية في عملية تكرير الكروم في العام 2007 وذلك لدواعٍ أمنية".
ويبلغ عدد العمال الذين يعملون في مدابغ الخليل نحو 150 عاملاً.
ويقول الزعتري إن المدابغ تخدم 300 منشأة متخصصة في صناعة الأحذية والصناعات الجلدية، مبيّناً أن الحركة التجارية لهذه المدابغ تبلغ 2.2 مليون شيكل.
وبحسب الزعتري، تزوّد المدابغ الفلسطينية قطاع صناعة الأحذية والملابس الجلدية بنحو 75% من الجلود، وتعتمد المدابغ الفلسطينية بشكل تام على الجلود المنتجة محلياً، التي تعتمد بدورها على عملية إنتاج اللحوم، وعلى الكميات المعروضة من الجلود الخام.
ويشار إلى أن مصادر الجلود الرئيسية في الضفة الغربية وقطاع غزة، تنحصر بجلود الضأن بنسبة 5%، تنتج الضفة منها 89% وغزة 11%، فضلاً عن جلود الأبقار بنسبة 75%، تنتج منها الضفة 40% وغزة 60%، بالإضافة إلى جلود الماعز بنسبة 20%، التي تنتج منها الضفة 91% و9% تنتج في قطاع غزة.
نقلا عن العربي الجديد