يُمسك الطفل الفلسطيني حسين النجار (14 عاما) بيده الرقيقة، قضيباً حديدياً صدئاً، وينبش به كومة قمامة عملاقة داخل مكب نفايات جنوب قطاع غزة، بحثاً عن بعض قطع البلاستيك ومعدن النحاس، التي يجمعها ويبيعها، ليشكل عائدها مصدر رزق لأسرته الفقيرة.
وفور وصول شاحنات جمع القمامة إلى مكب النفايات، الذي يقع قرب السياج الحدودي بين شرق مدينة رفح جنوب قطاع غزة وإسرائيل، يركض النجار إليها مسرعا ليعتليها مع مجموعة من الأطفال، ويبحثون عن كل ما يمكن بيعه بداخلها.
وعلى الرغم من الروائح الكريهة، والدخان السام المنبعث، نتيجة إحراق أجزاء من النفايات، وقسوة العمل، وخطر مهاجمته من بعض الطيور الجارحة، فإن الطفل النجار لا يتخلف يوما عن عمله الذي يشكل مصدر رزق وحيد لأفراد أسرته السبعة.
ويبدأ النجار، الذي يقطن في بلدة خزاعة شرق مدينة خانيونس جنوب القطاع، عمله منذ السادسة صباحا، ولا يغادر مكب النفايات حتى ساعة متأخرة من الظهر، ويستخدم عربة صغيرة في جمع قطع البلاستيك والمعادن، ويبيع يومياً ما يجمعه بمبلغ يتراوح ما بين 15 و25 شيكلا (4 - 6.5 دولارات).
ويقول النجار"بدأت العمل قبل نحو 4 سنوات، عندما كان عمري 10 أعوام، بسبب الأوضاع الصعبة التي تعيشها أسرتي، وكنت أفكر في تركه، ولكن هدم الجيش الإسرائيلي منزل عائلتي خلال الحرب الأخيرة على قطاع غزة، أجبرني على مواصلة العمل".
ويضيف: "العمل فيه مشقة كبيرة، وأعاني من ألم كبير في ظهري، لكن ظروفنا الصعبة هي التي جعلتني أترك المدرسة، وأعمل هنا لتوفير قوت لإخوتي ووالدي المريض ووالدتي الذين يعيشون في كرفان صغير بعد هدم منزلنا".
وعلى مقربة منه، جلس الكهل الفلسطيني جودة النجار (46 عاما) ونجله زهير (16 عاما) إلى جانب "عربتهما"، ليأخذا قسطا من الراحة، بعد أن أنهكهما العمل وسط أكوام النفايات.
ويعمل الفلسطيني جودة النجار في جمع "كل ما يمكن بيعه" من النفايات منذ أكثر من 15 عاماً، ليوفر قوتاً لأفراد أسرته الأربعة، ونجله أمجد (22 عاما) المصاب بمرض مُزمن في صدره، ويحتاج إلى أدوية باهظة الثمن.
ووفقاً للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فإن عدد العاطلين في غزة، بلغ خلال الربع الأخير من 2014 نحو 194.7 ألف شخص، بنسبة 42.8%.
نقلا عن الأناضول