الاقتصادي - تخفي روسيا ثلث إنفاقها الذي لم يسبق له مثيل من الموازنة بعيداً عن أنظار العامة، في مؤشر صارخ يظهر كيف أعادت الحرب، التي مر عليها عام، تشكيل الشؤون المالية الحكومية وأولويات موسكو الاقتصادية.
كشفت بيانات وزارة المالية أن النفقات السرية أو غير المحددة حتى 24 مارس الجاري صعدت لـ2.4 تريليون روبل (ما يعادل 31 مليار دولار أميركي)، أي ما يفوق ضعف مستواها خلال نفس الفترة من السنة الماضية، بحسب تقديرات بلومبرغ إيكونوميكس. توضح حسابات بلومبرغ أن خطط سنة 2023 تقدر الحصة السرية من الميزانية بمقدار الربع تقريباً.
أكدت ألكسندرا سوسلينا، خبيرة الاقتصاد الروسية المستقلة، أن ارتفاع حجم المصروفات السرية يدل على أن الإنفاق العسكري المرتبط بالحرب آخذ بالتزايد. أضافت أنه "من المنطقي افتراض أن تكاليف الأقاليم الجديدة مدرجة فيها أيضاً"، في إشارة إلى مناطق في شرق وجنوب أوكرانيا والتي ضمها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال سبتمبر الماضي وتعهدت القوات الأوكرانية باستردادها.
المجهودات الحربية
في ظل ارتفاع الإنفاق على الجيش الروسي بصورة هائلة، يحتل قطاع الدفاع- بالإضافة إلى مجال الأمن القومي المرتبط به- المرتبة الثانية من حيث حصة الإنفاق بعد برامج الرعاية الاجتماعية الحكومية.
تكشف السرية المتعلقة بأكبر بند منفرد من حيث التكلفة عن حجم الالتزام المالي المخصص للمجهود الحربي الذي تعهد بوتين بأنه "سيكون غير مُقيَّد". وكانت حصة الإنفاق السري قد سجلت ذروة في السابق عند 21% تقريباً في 2015، أي بعد سنة من ضم روسيا لشبه جزيرة القرم من أوكرانيا.
بحسب قانون الميزانية الروسي، يحدد الرئيس برامج المصروفات السرية التي ستُعتمد وتُخصص ضمن خطط الإنفاق المختلفة. يعقد المشرعون جلسات تشريعية سرية لبحث النفقات غير الخاضعة لأي رقابة عامة.
النفقات السرية ودعم الاقتصاد
تعطي "البوابة المشتركة لنظام الموازنة"، التي تعدّها وزارتا المالية والخزانة، نبذة سريعة حول الأداء المالي لروسيا. وتبرز الأرقام التغيرات اليومية في طريقة تنفيذ الإنفاق الحكومي، حتى في ظل تفاقم قيمة الأموال التي لم تعد خاضعة للتدقيق العام.
وصلت نفقات "الدفاع الوطني" إلى 531 مليار روبل حتى 24 مارس، مسجلة نحو ضعف مستوياتها التي بلغتها العام السابق، وأُنفق 379 مليار روبل أخرى على الأمن وإنفاذ القانون.
بالإضافة للعبء الهائل الواقع على مالية روسيا العامة المترتب على الحرب، يبدو أيضاً أن ما يبرز من خلال الإحصاءات يتناقض مع تصريحات مسؤولين بعدما كشفت بيانات شهري يناير وفبراير الماضيين أن روسيا تدير عجزاً قياسياً بالموازنة.