الاقتصادي - في الوقت الذي تعيش فيه البلاد أزمة اقتصادية كبيرة وتعاني تداعيات تراجع عملتها المحلية أمام الدولار، حلّت مصر في المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر شراء لاحتياطات الذهب خلال العام الماضي، وهو أمر يختلف الخبراء بشأن جدواه في تخفيف الأزمة الاقتصادية الراهنة.
وحسب بيانات مجلس الذهب العالمي الصادرة فبراير/شباط الجاري، فقد اشترت القاهرة خلال عام 2022 ما يصل إلى 47 طنا من الذهب، أضافت 44 طنا منها للاحتياطي دفعة واحدة فبراير/شباط 2022، قبل أن تشتري 64 كيلوغراما أخرى لاحقا، ليصل مجمل احتياطاتها إلى 125.55 طنا.
والشهر الجاري، كشف البنك المركزي المصري عن أنه كان الأكثر شراء للمعدن النفيس بين البنوك المركزية العالمية خلال الربع الأول من العام الماضي بواقع 44 طنا.
إلى جانب ذلك، توسعت مصر في طرح مناقصات التنقيب عن الذهب خلال العام الماضي، وقالت الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية، يونيو/حزيران 2022، إنها أسندت 8 مناطق إلى 4 شركات أجنبية ومحلية خلال الجولة الثانية من مزايدات التنقيب.
وكانت الجولة الأولى من المزايدة قد أسفرت عن إسناد 82 منطقة بالصحراء الشرقية إلى 11 شركة مصرية وعالمية.
ويمثل رصيد مصر من الذهب حاليا 1% من مجمل احتياطات الذهب العالمية بواقع 1.658 مليون أوقية.
التصدير يحل أزمة الدولار
وقال رئيس شعبة الذهب السابق في غرفة التجارة المصرية رفيق السباعي، للجزيرة نت، إن هذه المكانة تمثل فرصة كبيرة لحل أزمة نقص العملة الصعبة، لو فتحت الحكومة باب تصدير السبائك والمشغولات من دون قيود.
وأوضح السباعي أن تصدير الذهب المصري للخارج يواجه صعوبات بسبب نظام اقتسام عملية الإنتاج مع المستثمرين الذي كان متبعا قبل التعديلات الجديدة، إذ حلت محل ذلك النظام ضريبة تتراوح بين 5 و25%.
ويرى السباعي أن على الحكومة افتتاح معاهد لتعليم صناعة المصوغات من أجل تعزيز فرص التصدير للخارج، مشيرا إلى أن عددا كبيرا من الحرفيين عزفوا عن المهنة مؤخرا بسبب الركود الذي أحدثه ارتفاع الأسعار.
ويعتقد المتحدث أن الاعتماد على تصدير الذهب هو السبيل الوحيدة لحل أزمة نقص الدولار في مصر، لأنه سيجلب ملايين الدولارات شهريا، مشيرا إلى أنها سياسة تنتهجها الدول غير النفطية غالبا.
استثمار طويل الأمد
وفي السياق، قال العضو السابق بشعبة الذهب جورج مظلوم، للجزيرة نت، إن الاستثمار في الذهب يمر بمراحل كبيرة تتمثل في وضع خطط ودراسات وإصدار تصاريح قبل البدء في عملية التنقيب التي قد تمتد إلى 10 سنوات، لحين العثور عليه، ثم عشرات السنوات الأخرى لحين الحصول على الذهب الخالص.
وتوضيحا لهذه العملية، يقول مظلوم، وهو عضو رابطة تجار الذهب حاليا، إن الذهب يخرج من باطن الأرض محملا بالرواسب والمواد الأخرى التي تحتاج إلى وقت وجهد كبيرين من أجل استخلاص الذهب ثم طحنه وصهره وتكريره.
وأشار المتحدث إلى وجود نفايات سامة يتم استخراجها في أثناء عملية التنقيب في المناجم وهي عملية تتطلب إجراءات تأمين معروفة ومحددة عالميا لحماية أرواح العاملين، حسب قوله.
إلى جانب ذلك، فإن التكلفة العالية لعملية الإنتاج التي تستلزم تصريحا باستغلال الأرض المكتشف فيها الذهب لمدة لا تقل عن 50 عاما، ثم نقل الذهب للمصانع لسبكه أو شغله، تعني أن الاعتماد على الذهب لحل أزمات الاقتصاد لا يكون آنيا وإنما من خلال خطة طويلة الأجل، كما يقول مظلوم.
ولفت مظلوم إلى أن زيادة احتياطي البلاد من الذهب يؤدي أحيانا لتراجع أسعار البيع، وهو ما يعني زيادة المبيعات، لكنه أشار إلى أن الأمر في النهاية مرتبط بالأسعار العالمية وأسعار الدولار، مما يعني أن هامش التراجع بسبب زيادة الاحتياطي ربما لا يكون كبيرا.
وحاليا -يضيف المتحدث- أصبح الإقبال كبيرا على السبائك الصغيرة التي تبدأ من غرامين اثنين فصاعدا، لأنها تعتبر استثمارا أفضل في ظل غلاء الذهب المشغول بسبب المصنعية، أما السبائك التي تبدأ من 250 غرام، فيتم سبكها حسب الطلب.
وعن طريقة حصول محال البيع على المشغولات والسبائك، قال أحد الصاغة -للجزيرة نت- إنهم يحصلون عليها عبر شركات خاصة وليست حكومية، مشيرا إلى أن الحكومة لا تبيع الذهب، بل تحصل الضريبة والإتاوة من الشركات والتجار، ويباع حاليا الغرام في السبيكة عيار 21 مقابل 1710 جنيهات (الدولار يساوي 30 جنيها).