الاقتصادي- دعا البنك الدولي في تقرير صدر اليوم الأحد، السلطة الوطنية الفلسطينية إلى ضرورة إجراء إصلاحات في جانبي الإيرادات والنفقات من أجل الوصول إلى مسار أكثر استدامة للمالية العامة.
وقال البنك في تقريره، إن على اسلطة تنفيذ إصلاحات الإنفاق وفاتورة الأجور ونظام المعاشات التقاعدية للموظفين العموميين، والتحويلات غير الموجهة وتحسين إدارة الإحالات الطبية، وأنظمة الدعم غير المخطط للهيئات المحلية.
وأشار البنك أنه متفائل بعد تأكيد السلطة في الآونة الأخيرة على التزامها بإصلاح فاتورة الأجور وتحسين أدائها في الإيرادات مقارنة مع بلدان هشة أخرى على المستوى نفسه من التنمية.
وأضاف أن هنالك الكثير مما ينبغي عمله لاسيما أن السلطة الفلسطينية لا تُحصِّل سوى قدر ضئيل من الإيرادات من قطاع غزة بسبب الانقسام الداخلي. ويلزم أيضاً إجراء إصلاحات لتوسيع القاعدة الضريبية في الضفة الغربية لتشمل المهنيين من ذوي الأجور المرتفعة مثل الأطباء والمحامين والمهندسين، إلخ. وعلاوةً على ذلك، يجب تقوية التشريعات لتفرض عقوبات في حالات عدم الالتزام بسداد الضرائب.
ومع استمرار السلطة الفلسطينية في أجندتها الإصلاحية، سيكون استمرار المانحين في تقديم المساعدات للسلطة بشكل ثابت ويمكن التنبؤ به أمراً ذا أهمية بالغة من خلال عمليات دعم الموازنة حسب البنك الدولي.
ونوه البنك أن السلطة تواصل إحراز تقدم في تحسين إدارة المالية العامة، وقد قامت في الآونة الأخيرة أيضاً بتعزيز النظام الفلسطيني لمكافحة غسل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب.
ويوضح التقرير أن الإصلاحات التي تقوم بها السلطة الفلسطينية تُعد ضرورية لكنها ليست كافية لوضع الأراضي الفلسطينية على مسار للتنمية المستدامة، كما يُعد تعاون حكومة الاحتلال أمر ضروري لتقليص القيود الاقتصادية والحد من تسرُّبات الموارد من المالية العامة والمساعدة في خلق حيز أكبر للإنفاق في المالية العامة من أجل توفير المساعدات الاجتماعية.
وشدد التقرير أن منح منشآت الأعمال الفلسطينية إمكانية الوصول إلى المنطقة (ج) سيُعزِّز الاقتصاد الفلسطيني بمقدار الثلث وسيزيد إيرادات السلطة ابنسبة 6% من إجمالي الناتج المحلي، إضافة إلى إمكانية قيام الاحتلال بتحويل الإيرادات التي تحصلها من منشآت الأعمال العاملة في المنطقة (ج) ورسوم المرور عبر معبر جسر اللنبي وفقاً للاتفاق المؤقت لعام 1995. ويمكنها أيضاً خفض الرسم البالغ 3% الذي تتقاضاه عن مناولة الواردات الفلسطينية.
وحول النمو والتعافي الاقتصادي، ذكر تقريرالبنك الدولي إن الاقتصاد الفلسطيني لم يعد بعدُ إلى مستويات ما قبل تفشِّي الجائحة على الرغم من وجود بعض المؤشرات على تعافيه.
ويشير التقرير إلى أن استمرار القيود على الحركة والعبور، والآثار طويلة الأمد لضائقة المالية العامة إلى جانب زيادة الأسعار تُسهم جميعاً في إبطاء وتيرة التعافي الاقتصادي. ومن المُتوقع أن يصل معدل النمو إلى 3.5% في عام 2022 انخفاضاً من 7.1% في 2021. ويتسبب تسارع معدل التضخم في أكبر الضرر للأسر الفلسطينية الأكثر فقراً، حيث يُتوقع أن ترتفع تكلفة بعض السلع الغذائية الأساسية ما يصل إلى 80% بنهاية العام.
وفي معرض تعليقه على التقرير، قال فريد بلحاج نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد أدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم الضغوط التضخمية المرتفعة بالفعل في فلسطين.
وقال أن الصدمات السعرية والآثارالسلبية الناجمة عن جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، قوضت رفاهة الأسر الفلسطينية، لا سيما الأسر الأشد فقراً والأكثر احتياجاً.
وعبر بلحاج عن ارتياحه لما حققته السلطة من تقدم في أجندتها الإصلاحية، ومازال من الضروري بذل جهود إيجابية مُنسَّقة، بما في ذلك مع الشركاء الإسرائيليين، لإيجاد حيز للإنفاق في المالية العامة لتقديم المساعدات الاجتماعية الحيوية وتحقيق التنمية الاقتصادية."
وبين البنك في تقريره أن الأسعار في فلسطين مرتفعة بالنسبة لمستويات الدخل بسبب العلاقات الوثيقة بين الاقتصاد الفلسطيني واقتصاد إسرائيل، وهو ما يفضي إلى تأثير غير متناسب على الاقتصاد الفلسطيني الأصغر حجماً.
وأدَّت الزيادة السريعة للتضخم إلى استمرار زيادة أسعار المواد الغذائية والوقود التي تُشكِّل نسبة أكبر من نفقات الأسر الفقيرة. وتعد الضفة الغربية وغزة ثاني أكبر مستورد للمواد الغذائية (من حيث النسبة) في المنطقة، كما تأتي نسبة كبيرة من واردات دقيق القمح وزيت عباد الشمس من أوكرانيا وروسيا. وفي الفترة بين يناير/كانون الثاني وأبريل/نيسان 2022، ارتفع مُكوِّن الأغذية في مؤشر أسعار المستهلكين الفلسطينيين بشدة إلى أعلى مستوى له في السنوات الست الماضية.
وفي هذا الصدد قال ستيفان إمبلاد، المدير والممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة: "مازال الاقتصاد الفلسطيني يواجه تحدياتٍ جسيمة قد تُؤثِّر على استقراره الكلي على المدى الطويل. وتتفاقم المخاطر المُزعزعة للاستقرار بفعل الآثار المُضاعَفة لجائحة كورونا والحرب في أوكرانيا والاشتباكات في الضفة الغربية وجولات الصراع المتكررة في قطاع غزة، فضلاً عن الضغوط الواقعة على المالية العامة. علاوةً على ذلك، لا تزال مساعدات المانحين غير كافية لسد الفجوة التمويلية التي قد تصل إلى 3.3% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2022 وتحد من قدرة السلطة الفلسطينية على الوفاء بالتزاماتها الجارية."