وكالات - الاقتصادي - بصفته اقتصاد صغير ومفتوح، يواجه الأردن تحديات اجتماعية واقتصادية غير مسبوقة بسبب الأزمات المتتالية في العامين الماضيين، لا سيما الوباء، وتعقيد الأوضاع المالية، والآثار غير المباشرة للصراع في أوكرانيا – التي تضاعف عقدا من الصدمات الخارجية.
ويؤكد تقرير صندوق النقد الدولي، الذي صدر بختام المراجعة الرابعة للاقتصاد الأردني، أنه على الرغم من هذه التحديات، بدأ الاقتصاد في التعافي عام 2021، مدعوما بإجراءات مالية ونقدية مناسبة وفي الوقت المناسب، على الرغم من استمرار ارتفاع معدلات البطالة، لا سيما بين الشباب.
ولفت التقرير إلى الأداء الجيد للإيرادات الحكومية، ما يعكس الجهود الحثيثة للحد من التهرب الضريبي وسد الثغرات الضريبية. وأضاف “تم احتواء التضخم في عام 2021 بسبب احتياطيات الأردن الاستراتيجية من القمح التي تبلغ اثني عشر شهرا وعقود الاستيراد طويلة الأجل ذات الأسعار المستقرة للغاز المستخدم في توليد الكهرباء”.
وقال: “مع ارتفاع أسعار الوقود منذ بداية الصراع في أوكرانيا استدعى تقديم دعم مؤقت ومستهدف لدعم الوقود للتخفيف على الأسر”.
وفي وقت سابق من شهر حزيران (يونيو) تمكن الأردن من الوصول إلى الأسواق الدولية من خلال إصدار سندات اليوروبوندز بقيمة 650 مليون دولار أميركي والتي تجاوزت الاكتتاب أكثر من ثلاث مرات، ما يعكس ثقة المستثمرين في الاستقرار المالي والنقدي للبلاد.
وقال صندوق النقد الدولي ضمن مراجعته “على الرغم من البيئة الخارجية الصعبة باستمرار، إلا أن أداء الأردن في إطار البرنامج المدعوم من الصندوق “ما يزال قوياً” إذ تمّ استيفاء جميع معايير الأداء الكمي لشهر كانون الأول (ديسمبر) 2021، وكذلك الأهداف الإرشادية الرئيسية لنهاية آذار (مارس) 2022″.
كما نفذت الحكومة –وفقا للصندوق – برنامجا طموحا للإصلاحات الهيكلية منها تطبيق تعرفة جديدة للكهرباء، مما سيؤدي إلى خفض التعريفات لقطاعات الأعمال الرئيسية مع جعل الإعانات المنزلية أكثر استهدافا، وتشريع يوحد إدارة الضرائب والجمارك في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة.
كما التزمت وحددت تدابير إضافية لسد الفجوة المالية على المدى المتوسط.
وأشار التقرير الى أنه ونظرا لارتفاع احتياجات التمويل الناتجة عن الصدمات الخارجية ، طلبت الحكومة زيادة الوصول إلى 75.482 مليون وحدة حقوق سحب خاصة، مصحوبة ببعض إعادة الجدولة، ما سيزيد مدفوعات 2022 بمقدار 120.085 مليون وحدة حقوق سحب خاصة بالنسبة للمراجعة الثالثة.
وأشار الى أن دعم المجتمع الدولي للاردن أمر بالغ الأهمية بالنسبة للأردن لمواصلة مواجهة البيئة الصعبة، والحفاظ على زخم الإصلاح، والتصدي لتحديات التكيف مع المناخ.
ويحتاج الأردن أيضا إلى تدفق تمويل أكثر موثوقية، بما يتماشى مع الدعم الذي تعهد به المجتمع الدولي بموجب اتفاق الأردن ومبادرة لندن لعام 2019، لتمكين البلاد من الاستمرار في تحمل عبء الصالح العام العالمي المتمثل في استضافة 1.3 مليون لاجئ سوري، والذين يشكلون نسبة كبيرة من السكان، بحسب التقرير.
وحول السياسة المالية والإصلاحات أشار التقرير الى أنّه وبالرغم من البيئة الصعبة، فإن الاستراتيجية المالية لوزارة المالية، القائمة على إصلاحات ضريبية منصفة من خلال سد الثغرات الضريبية ومكافحة التهرب الضريبي، “ما تزال ناجحة”، مما يسمح بإفراط في أداء الإيرادات المحلية لعام 2021 مقارنة بتوقعات الميزانية وتجاوز المستويات السابقة للوباء.
وأدت الإجراءات المتخذة لتوسيع القاعدة الضريبية وحملة الامتثال التي قامت بها وزارة المالية لإدارة ضريبة الدخل والمبيعات إلى أداء كبير لتوقعات الإيرادات المحلية لعام 2021 بنسبة 0.5 % من إجمالي الناتج المحلي.
وقال التقرير “الحكومة ملتزمة بهدف العجز لعام 2022 والبالغ 3.4 % من الناتج المحلي الإجمالي، على الرغم من التحديات التي أوجدتها الإعانات المؤقتة لتيسير عبور أسعار السلع العالمية – والتي من شأنها أن يقابلها انخفاض في الإنفاق غير ذي الأولوية”.
وتعمل الحكومة على تعزيز الإصلاحات الهيكلية المالية الرئيسية، على النحو المفصل في مذكرة السياسات الاقتصادية والمالية.
وبناء على الجهود الأخيرة للحد من التهرب الضريبي وتعزيز الإدارة الضريبية، أصدرت الحكومة تشريعات لفرض نظام ضريبي واحد ونظام جمركي موحد للأردن، ما يضع المشاركين في منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة تحت المراقبة الوطنية للضرائب والضرائب الجمركية، وسيساعد على زيادة مكافحة التهرب الضريبي.
وأشار إلى أن وزارة المالية كانت قد اعدت قبل الموعد المحدد، التقرير الأول عن توقعات ومخاطر المالية العامة الكلية من قبل وحدة المالية العامة الكلية المنشأة حديثًا؛ وتقييم للتكاليف المالية الصريحة والمخاطر المالية المتعلقة بالثلاثة الأكبر تعادل القوة الشرائية. علاوة على ذلك، سنت السلطات لائحة مشتريات لتعزيز شفافية وكفاءة الإنفاق العام وتسهيل نشر المشتريات الإلكترونية.
واضاف “على المدى المتوسط، ما يزال هدف قدرة السلطات على تحمل الدين يتمثل في تخفيض الدين العام إلى أقل من 80 % من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، فإن مزيج الرياح المعاكسة من تشديد الاحتياطي الفيدرالي الأميركي وارتفاع أسعار الغذاء والوقود، فضلاً عن ارتفاع معدلات البطالة في الأردن، يستدعي مسارا أكثر تدريجيًا لتحقيق هذا الهدف المالي على المدى المتوسط. سيساعد المسار المنقح للأردن على ترسيخ الانتعاش الناشئ، ووضع السلطات بشكل أفضل لدعم الفئات الضعيفة، ودعم برامج توفير فرص العمل في القطاع الخاص، والقيام باستثمارات حاسمة في رأس المال البشري والمادي”.
وحول السياسات والإصلاحات النقدية وسعر الصرف أكد صندوق النقد أن البنك المركزي الأردني واصل سجله القوي في الإدارة الحكيمة للنقد في عام 2021، مرتكزة على ربط العملة بالدولار الأميركي.
وأضاف الصندوق في التقرير الختامي للمراجعة الرابعة أنه نتيجة لسياسات البنك المركزي الأردني، ظلت الثقة في النظام المالي قوية ، كما يتجلى في أدنى إيداع مستوى الدولرة (بنسبة 19 %) في السنوات الأخيرة.
وبين الصندوق في تقريره أنه سيبقى البنك المركزي الأردني في حالة تأهب للتغيرات في الشؤون المالية المحلية والإقليمية والعالمية، ويقف على أهبة الاستعداد لإجراء تعديلات السياسة اللازمة لتوفير الحماية بشكل موثوق، لتحقيق التوازن بين الاستقرار النقدي والمالي وأهداف النمو، والبنك المركزي الأردني، مع دعم الحكومة، وتقديم الدعم الأساسي للشركات الأردنية ، بما في ذلك الشركات الصغيرة والمتوسطة، في حماية العمالة وعمليات الإنتاج من خلال دعمين اثنين برامج الإقراض.
يعتبر تعزيز نظام مكافحة غسل الأموال / تمويل الإرهاب (AML / CFT) من أولويات الأردن، إذ واصل البنك المركزي الأردني إحراز تقدم في تعزيز نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وأكملت السلطات التقييم لتحديد هوية المنظمات غير الهادفة للربح المعرضة لسوء استخدام تمويل الإرهاب.
وفيما يتعلق بتعزيز الوظائف والنمو، تركز السلطات على تدابير لزيادة المشاركة في القوى العاملة وتشجيع توظيف الإناث والشباب.
وتعمل الحكومة على معالجة العقبات التي تعترض توظيف النساء وأصدرت تعليمات منقحة للشركات بشأن توفير رعاية الأطفال للموظفات.
وتم إحراز تقدم مهم أيضا في خطة أولويات الحكومة 2021-2023 ، والتي توجه جهود السياسة لتحسين مناخ الأعمال وتعزيز القدرة التنافسية. ومن المتوقع أن تخفض الإصلاحات الأخيرة في الجمارك وتعرفة الكهرباء بشكل كبير تكاليف الأعمال.
كما تقدم السلطات قانونا جامعا جديدا لتنظيم بيئة الأعمال، والتي تهدف إلى تحديث وتبسيط الإطار التنظيمي.
وتتضمن تشريعات لتعزيز إطار المنافسة وتحليل السوق لتحديد القطاعات التي تظهر علامات الممارسات غير العادلة. وتعمل السلطات أيضا على مزيد من تحسين تشريعات الإعسار.
وعلى صعيد الكهرباء، توقع صندوق النقد الدولي أن ينخفض عجز شركة الكهرباء الوطنية إلى 0.3 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2022 ، بسبب قوة الكهرباء الاستهلاك، والتأخيرات غير المتوقعة في مشروع الصخر الزيتي في العطارات.
في المستقبل، من المتوقع أن ترتفع الخسائر المالية لشركة الكهرباء الوطنية إلى 0.7 % من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 ، قبل أن تنخفض إلى 0.4 % على المدى المتوسط.
وقال الصندوق ” تم احتواء خسائر الشركة عند 0.5 % من إجمالي الناتج المحلي في عام 2021 ، بسبب الاستهلاك القوي للكهرباء وتم زيادة الاستهلاك المتوقع لعام 2022 بنسبة 2.7 % مقارنة بالمراجعة الثالثة، مدعومًا أيضًا بالتعرفة الجديدة المخفضة للكهرباء للشركات”.
علاوة على ذلك، من المتوقع أن تساعد عقود التوريد طويلة الأجل لشركة الكهرباء الوطنية NEPCO للغاز الطبيعي والقدرة العالية نسبيًا للطاقة المتجددة في حمايتها إلى حد كبير من ارتفاع أسعار الوقود العالمية في المدى القريب.
وتدعم توقعات تراجع العجز التأخيرات غير المتوقعة في مشروع الصخر الزيتي في العطارات، ومع ذلك، بلغ رصيد متأخرات شركة الكهرباء الوطنية 100 مليون دينار بنهاية آذار (مارس) 2022
وبحسب الصندوق ما يزال الوضع المالي لشركة الكهرباء الوطنية (نيبكو) صعبا على الرغم من الانخفاض المتوقع في الخسارة لعام 2022.
وبين الصندوق فيما يخص قطاع الكهرباء، أن السلطات تواصل جهودها للحد خسائر شركة الكهرباء الوطنية واستعادة استدامتها المالية ومن ذلك تعرفة الكهرباء الجديدة التي بدأت الحكومة بتطبيقها مطلع نيسان(ابريل) الماضل والتي يتوقع أن تعزز القطاع الخاص القدرة التنافسية ودعم توفير فرص العمل.
كما ساعدت عقود الغاز الطبيعي طويلة الأجل حتى الآن حماية شركة الكهرباء الوطنية من الزيادة الكبيرة في أسعار النفط والغاز في الأسواق الدولية.
وتوقع الصندوق أن تصل عائدات صادرات الكهرباء الوطنية إلى الضفة الغربية إلى نحو 25 مليون دينار في عام 2022، وستولد صادرات الكهرباء إلى العراق، المتوقع أن تبدأ في عام 2024 حوالي 20 مليون دينار.