وكالات - الاقتصادي- قبل أيام أعلنت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) تسجيل أسعار المواد الغذائية "أعلى مستويات سجلتها على الإطلاق" خلال مارس في ظل الحرب في أوكرانيا والتي تسببت في حالة شديدة من الاضطراب في أسواق الحبوب والزيوت النباتية.
ومنذ بدء الحرب في أوكرانيا تواصل أسعار المواد الأولية الزراعية مثل القمح ودوار الشمس والذرة الارتفاع، حيث إن روسيا وأوكرانيا مصدران رئيسيان لهذه المنتجات على المستوى العالمي. ارتفاعات قياسية وكان مؤشر فاو الذي يتابع التطور الشهري في الأسعار الدولية لسلة من المنتجات الغذائية الأساسية، حطم في فبراير السابق مستواه القياسي منذ تدشينه عام 1990، قبل أن يسجل في مارس زيادة بنسبة 12.6%، وذلك بسبب الارتفاع الحاد في مؤشر فاو للحبوب الذي سجل زيادة بنسبة 17.1% عن شهر فبراير.
وفي المتوسط فإن سعر القمح في أبريل 2022 أعلى من سعره في أبريل 2021 بـ70% وذلك على الرغم من تراجعه النسبي عن مستويات مارس القياسية وذلك بفعل استئناف جزئي لصادرات روسيا من القمح للعديد من دول العالم. وكذلك سجلت أسعار الذرة "زيادة شهرية" بنسبة 19.1% لتبلغ مستوى قياسيا، وكذلك أسعار الشعير والذرة البيضاء.
وما يساهم أيضا في زيادة أسعار المواد الغذائية الزيوت النباتية التي سجلت بحسب مؤشر فاو "زيادة بنسبة 23.2% على وقع ارتفاع أسعار زيت دوار الشمس"، وأوكرانيا أول مصدر له في العالم، بما أدى أيضا لزيادة كبيرة في أسعار زيوت النخيل والصويا والكولزا والتي تستخدم كبدائل لزيت دوار الشمس. مشاكل لوجستية والشاهد هنا أن الصعوبات اللوجستية التي تواجهها أوكرانيا بسبب الحرب كان لها دور كبير في تلك الزيادات السعرية المتلاحقة، في ظل تقارير حول تخصيص أكثر من نصف قطارات شحن المحاصيل في أوكرانيا لنقل اللاجئين أو لشحن العتاد العسكري.
كما أنه مع اندلاع النزاع، أغلق بحر "آزوف" أمام الملاحة، ما أعاق حركة التصدير انطلاقا من مدن مثل بيرديانسك وماريوبول، وتسبب في صعوبة نقل المحاصيل الأوكرانية بحرا وزاد من العقبات اللوجستية التي تعترض حركة المحاصيل إلى دول الاستهلاك.
ولا تقتصر الأزمة على الوقت الحالي بل تشمل المستقبل أيضا في ظل بدء موسم نشر البذور في أوكرانيا مع الربيع وسط الحرب وتراجع الناتج المحلي بنسبة 20% على الأقل وفقا لتقديرات منظمة التعاون الأوروبي في مارس الماضي. ففي ظل هذا الانكماش تشير التقارير إلى أن حوالي 50% من مساحات الأراضي الأوكرانية المزروعة تواجه صعوبات متفاوتة الشدة من أجل بدء موسم الزراعة بما يؤشر لاحتمال انخفاض المحاصيل للعام المقبل أيضا في ظل عدم وضوح الرؤية حول قدرة تلك الأراضي على الزراعة مع استمرار النزاع أو حتى بفعل ما سينتج عنه من دمار حال انتهائه.
ولعل هذا هو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تكليف مفوضيته بضرورة التنسيق مع أوكرانيا من أجل إيصال "كافة مستلزمات الزراعة" من بذور ووقود وأسمدة، بهدف الحفاظ على الإنتاج الزراعي بقدر الإمكان في الفترة المقبلة وتجنب تعزيز ارتفاع أسعار المحاصيل المختلفة. كما أثارت تهديدات موسكو بعدم بيع المحاصيل الروسية لـ"الدول غير الصديقة" المزيد من المخاوف حول استخدام المحاصيل الزراعية كسلاح اقتصادي / سياسي، بما سيسهم في المزيد من التشوه في هيكل العرض والطلب وسيرفع من المستوى العام لأسعار السلع الغذائية بشكل مؤكد.
الآثار على المستهلكين وبدأت آثار ارتفاع أسعار السلع الغذائية تظهر على مواطني الكثير من الدول، فعلى سبيل المثال ارتفع إنفاق الروس على الغذاء إلى 40% من دخلهم في المتوسط وهو ما يشكل ضعف إنفاقهم على الغذاء قبل عام. وترواحت نسبة الزيادة في أوروبا في الإنفاق على الغذاء بين 30-60% على أساس سنوي في ظل ارتفاع المستوى العام لأسعار السلع الغذائية وهي الزيادة التي بدأت قبل الحرب في أوكرانيا بأشهر. فالشاهد أنه بين شهري أبريل 2021 وأبريل 2022 ارتفعت أسعار الأغذية في المتوسط بنسبة 33.3%، وعلى الرغم من ذلك فإن الزيادة على المستهلكين جاءت أكبر من الزيادة التي شهدتها أسعار الأغذية في بورصاتها.