وكالات - الاقتصادي - خمسة أسابيع فقط احتاجها المدير المالي الشاب المنضم حديثاُ إلى بايتدانس، وهي أكبر شركة ناشئة في العالم من حيث القيمة، ليثبت قدراته أمام مجلس إدارتها، وليقرر المجلس تعيينه رئيساً تنفيذياً لأهم شركة تملكها المجموعة، وهي الشركة المالكة لتطبيق تيك توك الشهير، الذي سمح لمستخدميه بنشر فيديوهات قصيرة استحوذت على إعجاب واهتمام الملايين من الشباب حول العالم.
إنه شو زي تشو، البالغ من العمر تسعة وثلاثين عاماً، والذي جاءت به الشركة الصينية، وفقاً للتوقعات وقتها، ليقود عملية طرح أولي لأسهمها في البورصة، بعدما نجح في القيام بالدور نفسه مع شركة شياومي الصينية، رابع أكبر مُصنع للهواتف الذكية في العالم، والتي تعمل وتستثمر في مجال صناعة الأجهزة، وتطبيقاتها، والأجهزة اللوحية وأجهزة الحاسب الآلي المحمولة، والأَجهزة المنزلية والحقائب والأحذية، والإلكترونيّات الاستهلاكية، كما العديد من المنتجات الأُخرى.
ورغم ضخامة المسؤولية كمدير مالي لشركة تتجاوز قيمتها مائتين وخمسين مليار دولار، تم تعيين تشو، المولود في سنغافورة، رئيساً تنفيذياً لتيك توك، وهو المنصب الذي يعتبره البعض حالياً الأهم في مجال التكنولوجيا في العالم.
لم يكن طريق تشو ممهداً منذ البداية، حيث كانت الإدارة الأميركية قد أصدرت قبل قدومه بوقت قصير أمرين تنفيذيين خلال فترة لا تتجاوز ثمانية أيام لإجبار بايتدانس على إيقاف عمليات تيك توك في الولايات المتحدة على خلفية مشكلات تتعلق بالخصوصية، الأمر الذي ترتب عليه رحيل الرئيس التنفيذي السابق للشركة بعد أقل من ثلاثة أشهر من تعيينه، كما حظرت الهند استخدام التطبيق بعد أن كانت في وقت سابق السوق الأسرع نمواً له، لأسباب سياسية.
لكن تشو، الذي قاد، خلال عمله مع الملياردير الروسي يوري ميلنر في 2013، فريقاً من أوائل المستثمرين في بايتدانس التي كانت وقتها مجرد محاولة في شقة سكنية في إحدى ضواحي العاصمة الصينية بكين، بدا الأقدر على إخراج الشركة من عثراتها المتتالية، بسبب خبراته المكثفة في العمل في قطاعي التكنولوجيا والاستثمار/ التمويل.
وبدأ تشو حياته العملية بالعمل مع غولدمان ساكس، عملاق بنوك الاستثمار، فكان تركيزه على الاستثمار في قطاعات التكنولوجيا والإعلام والاتصالات، قبل أن ينتقل إلى شركة الاستثمار الخاص DST لإدارة الاستثمار، ليكون شريكاً بها لمدة خمس سنوات.
والتحق تشو بعد ذلك بعملاق الإلكترونيات الصيني شياومي، ليترأس الإدارة المالية فيها، ويكون أصغر مدير بالشركة، وليقود أكبر عملية طرح في البورصة لشركة تكنولوجيا صينية، قبل أن يلتقطه زانج ييمينج، الملياردير الذي أسس بايتدانس وأصبح رئيسها التنفيذي، ويعينه مديراً مالياً للشركة.
ومنذ تعيينه في شهر مايو/ أيار الماضي رئيساً تنفيذياً لتيك توك، حاول تشو التوفيق بين الوظيفتين، إلا أن الصعوبات التي قابلتها تيك توك فرضت عليه، الأسبوع الماضي، التخلي عن وظيفة المدير المالي بالشركة الأم للتفرغ للمهام الثقال التي تنتظره في الشركة التي أصبحت مستهدفة من أكثر من حكومة في العالم، ولأسباب سياسية بحتة، ووصفها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بأنها تهديد للأمن القومي الأميركي.
ويأتي ابتعاد تشو عن بايتدانس كجزء من جهود إعادة الهيكلة بالشركة، والتي أسفرت عن خلق ستة قطاعات أعمال منفصلة، وفقاً لتصريحات ليانج روبو، الرئيس التنفيذي لها.
وينظر مواطنو سنغافورة إلى تشو باعتباره فخرها والمثل الأعلى لشبابها وأحد أهم الشخصيات الملهمة لهم وللملايين حول العالم، بعد النجاحات الواضحة التي حققها في سن مبكرة، وصولاً إلى تعيينه رئيساً تنفيذياً للشركة التي يتجاوز مستخدموها النشطاء مليار حساب شهرياً.
ومثل الملايين من الآسيويين، خرج تشو من بلده في سن مبكرة طلباً للعلم في أفضل جامعات العالم، فحصل على بكالوريوس الاقتصاد من جامعة لندن، ثم ماجستير إدارة الأعمال (MBA) من كلية هارفارد للأعمال بالولايات المتحدة.
وخلال دراسته الجامعية، تدرب تشو صيفاً كاملاً في شركة ناشئة اسمها فيسبوك، أطلقت موقعاً للتواصل الاجتماعي أصبح بعدها الأكثر شعبية حول العالم، ويُعِد حالياً لعمل نقلة واضحة في تاريخ البشرية بعد تغيير اسمه إلى ميتا، أو ما يعرف بال "ما وراء"، إلا أن تشو نفسه لا يحتفظ حالياً بحساب على الموقع الشهير.