وكالات - الاقتصادي - قال تقرير أميركي متخصص أمس الأربعاء، إن الصين ربما ستصبح داعماً رئيسياً لحركة طالبان التي استولت على السلطة في أفغانستان لعاملين، أحدهما أن بكين ترغب في إنعاش الصفقات التجارية المشتركة في أفغانستان، إذ إن السوق الأفغاني متخلف وسيفيد إنعاشه الشركات الصينية.
وفي ذات الوقت فإن الصفقات ربما ستحظى بقبول كبير من حركة طالبان التي هي في حاجة ماسة لتمويلات عاجلة تعوض لها الأموال المجمدة في الولايات المتحدة والمؤسسات الدولية.
وربما تتمكن الصين من فرض الشروط التي تريدها دون معارضة من طالبان. أما العامل الثاني فهو أن الصين ترغب في تحديث أفغانستان أملاً في تغيير نهج حركة طالبان حتى لا تصدر التطرف إلى المسلمين في الإقليم الصيني المتاخم لأفغانستان.
وحتى الآن تبدو الحكومة الصينية حذرة من تداعيات الانسحاب الأميركي وصعود طالبان للحكم في أفغانستان، خاصة مع مخاوف من تصدير تطرف الحركة للأقليات الإسلامية في إقليم شينجيانغ.
ولا يستبعد تحليل موقع "العلاقات الخارجية" كذلك احتمال حدوث تنسيق بين حركة طالبان والحزب الإسلامي التركستاني الذي يقاتل السلطة الصينية دفاعاً عن الإيغور.
وفي ذات الصدد، يرى محللون أن من بين العوامل الأخرى التي ربما تدفع الحكومة الصينية لدعم الاقتصاد الأفغاني أنه يفتح لها منفذاً مباشراً مع إيران وسيفيد الشركات الصينية التي ترغب في الحصول على شحنات نفط إيراني بأسعار رخيصة وتفادي الحظر الأميركي.
وخلال العام الجاري حصلت الشركات الصينية على خصم في سعر النفط الذي تستورده من إيران وصل إلى أكثر من 5 دولارات للبرميل في بعض الأحيان، وبالتالي ربما تتمكن تلك الشركات من تنشيط تجارتها مع إيران عبر أفغانستان في حال إقامة علاقات استثمارية ضخمة تربط حركة طالبان بالحكومة الصينية.
أما العامل الرابع الذي يشير إليه التحليل فهو الرغبة الصينية في حماية مشروعات الحزام والطريق في منطقة آسيا الوسطى. وتبدو بكين قلقة على استثماراتها في المشروع داخل باكستان التي تقدر بنحو 62 مليار دولار، ومشروعاتها الأخرى في دول آسيا الوسطى.
ويرى الخبير إيان جونسون الزميل بمجلس العلاقات الخارجية في تحليله أمس الأربعاء، أن السوق الأفغاني ليس كبيراً بالحجم الذي يغري الصين. لكن مستقبل الاستثمار في المعادن وتأمين مصالحها التجارية مع دول الجوار ربما تكون من الحوافز الرئيسية التي ستغري الحكومة الصينية بالمغامرة في أفغانستان
وترغب بكين في بقاء الحدود مع دول الجوار التي تمثل الممر الرئيسي لتجارتها مع الشرق الأوسط وأوروبا هادئة حتى لا تعرقل ممرات "الحزام والطريق".
ولدى الشركات الصينية مشروعان في التنقيب عن النحاس وآخر للنفط في أفغانستان بقيمة 3 مليارات دولار، ولكن تم تجميدها في السابق لأسباب مختلفة.
ولا يستبعد مراقبون أن يحدث تنسيق بين الحكومة الصينية وروسيا التي تتخوف هي الأخرى من تصدير التطرف إلى أراضيها وترغب في تأمين استثماراتها في الجمهوريات السوفييتية السابقة.
ولدى الشركات الروسية استثمارات تقدر بنحو 20 مليار دولار في دول جمهوريات آسيا الوسطى التي كانت تابعة للإمبراطورية السوفييتية، كما أن هنالك نحو 7500 شركة تعمل في هذه الدول، وتأمل روسيا في استغلال أسواق آسيا الوسطى لتوسيع حجم تجارتها وسط ضغوط الحظر الأميركي المتواصل عليها.
وما يزرع الخوف في بكين أن يؤثر عدم الاستقرار في أفغانستان على مجموعة من مشاريع البنية التحتية في باكستان ومن بينها مشاريع قيمتها 47 مليار دولار قيد الإنشاء في جميع أنحاء باكستان.
وقد تعرض العاملون في بعض المشروعات الصينية في باكستان لهجمات من حركة طالبان خلال الشهور الماضية. ويهدف الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني إلى تطوير البنية التحتية المطلوبة لباكستان وإنشاء مناطق خاصة، ولكن الشكوك تتزايد حول نجاح هذا المشروع الاقتصادي الضخم مع الصعود السريع لحركة طالبان.