عاشت السفينة الأميركية "يونايتد ستايت" عصراً ذهبياً عابقاً بالتاريخ، فقد حملت على متنها شخصيات ذات شهرة عالمية مثل مارلين مونرو وكوكو شانيل ومارلون براندو وعدة رؤساء أميركيين، لكنها اليوم معرضة للتفكيك وبيعها قطعاً، وهو ما يحاول البعض تجنبه.
ويبدو أن الوقت يجري والمال لا يتوافر لإنقاذ السفينة الأميركية الراسية حالياً في نهر ديلايور في فيلادلفيا شرق الولايات المتحدة، قبالة متجر لمجموعة "أيكيا"، وقد بهتت ألوانها، وصدئت سلاسلها، وصارت جدران غرفها الخاوية تردد صدى الخطوات، بعدما كانت تحفل بمظاهر الفخامة في الماضي.
أبحرت "يونايتد ستايت" في رحلتها الأولى في الثالث من يوليو من العام 1952، وهي سفينة كبيرة طولها 300 ومتر واحد، وقد ضربت حينها الرقم القياسي في سرعة عبور المحيط الأطلسي في رحلة استغرقت 3 أيام و10 ساعات و40 دقيقة.
وكانت تعد تحفة في الأناقة والتكنولوجيا، فقد صممت بحيث يسهل تحويلها سريعاً إلى مركب نقل للقوات العسكرية، وأحيط تصميمها الذي مولت السلطات الأميركية جزءاً كبيراً منه بسرية عالية.
وأراد مصممها المهندس وليام فرنسيس غيبز أن تكون السفينة مضادة للحرائق، فاستخدم في صنعها الألومنيوم.
وعلى مدى سنوات الخدمة، سافر على متنها مليون شخص منهم ممثلون معروفون ورجال سياسة وصناعيون ومهاجرون، عبروا المحيط الأطلسي بين الولايات المتحدة وأوروبا على هذه السفينة الفخمة بفرقها الموسيقية وقاعة الرقص وصالتي السينما وحوض السباحة ومصاعدها العشرين.
ونقلت السفينة ايضا لوحة الموناليزا لتعرض في واشنطن.
لكن حركة الملاحة الجوية قرعت سريعا ناقوس انتهاء عهد سفن الركاب العابرة للمحيطات.
وفي الحادي عشر من نوفمبر 1969، وبعد 400 رحلة، توقفت "يونايتد ستايت" عن الخدمة. وهي كانت تتسع لألفي راكب إضافة إلى طاقمها البالغ عددهم ألفاً.
بعد ذلك، انتقلت ملكيتها من مالك إلى آخر، وصممت أفكار كثيرة لها، مثل أن تكون سفينة سياحية وسفينة مستشفى، لكن الفكرة الثانية لم تنفذ.
في العام 1984، بيع أثاث السفينة في المزاد العلني، وفي العام 2011 اشترت السفينة جمعية "اس اس يونايتد ستايت كونسرفانسي" التي ترأسها سوزان غيبز حفيدة مهندسها.
وتستقبل الجمعية تبرعات، وتأمل في عقد شراكات في سبيل الحفاظ على السفينة، عن طريق تحويلها إلى فندق ومطعم أو متحف أو مكاتب.
والسفينة أشبه بناطحة سحاب، ولكنها تمتد أفقياً، والمساحة المتاحة فيها تصل إلى 46 ألف متر مربع، وهيكلها ما زال في حالة جيدة.
لكن المشكلة أن الجمعية مضطرة لدفع 60 ألف دولار شهرياً بدل رسو السفينة على الرصيف النهري، وهو مبلغ لا تستطيع الجمعية تحمله وحدها، ولذا فهي تتلقى تبرعات من خمسين ولاية أميركية و36 بلداً.
إلا أن التبرعات لا تكفي، وقد دفع ذلك مجلس الإدارة إلى إعلان نيته بيعها لمن يعملون في إعادة تدوير المعادن، في حال لم يتوافر متبرعون أو مستثمرون قبل آخر الشهر الحالي.