مزارعون: هكذا "أعدمنا" بطيخنا بأيدينا
AHC: 0.80(%)   AIB: 1.09(%)   AIG: 0.17(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.25(%)   AQARIYA: 0.78(%)   ARAB: 0.75(%)   ARKAAN: 1.31(%)   AZIZA: 2.59(%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.49(%)   BPC: 3.80(%)   GMC: 0.76(%)   GUI: 2.00(%)   ISBK: 1.12(%)   ISH: 0.98(%)   JCC: 1.55( %)   JPH: 3.58( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.47(%)   NAPCO: 0.95( %)   NCI: 1.70(%)   NIC: 2.99(%)   NSC: 2.95(%)   OOREDOO: 0.78(%)   PADICO: 1.02(%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 3.98(%)   PEC: 2.84(%)   PIBC: 1.10(%)   PICO: 3.50(%)   PID: 1.90(%)   PIIC: 1.80(%)   PRICO: 0.29(%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.07(%)   RSR: 4.50(%)   SAFABANK: 0.66(%)   SANAD: 2.20(%)   TIC: 2.98(%)   TNB: 1.21(%)   TPIC: 1.95(%)   TRUST: 2.85(%)   UCI: 0.40(%)   VOIC: 5.29(%)   WASSEL: 1.01(%)  
12:00 صباحاً 22 أيلول 2015

مزارعون: هكذا "أعدمنا" بطيخنا بأيدينا

تناوب مزارعون على تعبئة حاويات بلاستيكية كبيرة ( تعرف بالمخالات) بثمار البطيخ، وراحوا يجمعونها في سباق مع شمس الصيف الحارقة، التي أخذت تتلف كميات من المحصول، لكن السوق المحلي لم يعد يستوعب بطيخهم، واضطروا للبحث عن بدائل.
وأخذ مزارعو جنين على عاتقهم حماية ثمارهم الناضجة، فشرعوا بتغطيتها بالقش والكرتون والأعشاب، بعد جمعها في أكوام كبيرة.
يروي جمال خلف وهو يتصبب عرقًا: " لا نعلم إلى متى يمكن أن نصمد تحت الشمس، وأدركنا أن الخسارة تحققت، فلا السوق المحلي يستوعب ما ننتجه، وفي المقابل البطيخ الإسرائيلي يباع بسعر رخيص، والتجار يفضلون ما يحضرونه من الداخل."
 
أسعار زهيدة
 
ويضيف: " قد تكون هذه المرة الأخيرة، التي نزرع فيها هذه النبتة؛ لأن تكاليفها مرتفعة والسوق مغلق في وجهها، بعكس ما كان شائعًا في الماضي، فقد كان بطيخ جنين يصل الأردن ولبنان ودول الخليج العربي، لكنه اليوم لا يصل إلى أسواق رام الله والخليل ونابلس وحتى جنين القريبة، وإن وصله فإن "المخال" منه ( قرابة 40-60 حبة) يباع  بأقل من 100 شيقل!"
والمفارقة التي لا يستطيع خلف ومزارعو البطيخ استيعابها، كيف أن بعض التجار يقولون إنهم يفضلون البطيخ الإسرائيلي، ولو كان أغلى ثمنًا.
يقول عبد الناصر عبد الرازق:" اضطررنا لحماية البطيخ من شمس الأغوار، وغطيناه بعروق النبات، وأحضرنا الشاش، واحتفظنا به لأسبوعين على أمل توفير سوق له، وفي النهاية أعدمناه في أرضه، ولم نجد من يشتريه، ووجدنا تجاراً يفضلون المنتوج الإسرائيلي، ولم تفلح إجراءات وزارة الزراعة في فعل شيء."
 
إتلاف ذاتي
 
ووفق عبد الرزاق، فقد أجبر، مطلع آب، على إتلاف قرابة ألف طن من البطيخ، حين لم يجد من يشتريها، وسط إغراق السوق المحلي ببطيخ إسرائيلي، ومع تفضيل التجار المحليين للثمار الإسرائيلية، وسط محاولات لوزارة الزراعة بضبط من يدخل البطيخ الإسرائيلي للسوق المحلي، وتغريم بعضهم، وإتلاف شحنات بعضهم الآخر، ولكن دون جدوى.
يقول: " سمعنا عن أحد التجار الذين ألقى مفتشو وزارة الزراعة القبض عليهم، حين رد على سؤال لمسؤول في الوزارة: لن نشتري بطيخ البقيعة وجنين ولو بخمسين شيقلا للمخال، وسأذهب للشراء من شلومو ولو كان بأربعمائة شيقل!"
وتبعًا لعبد الرازق، فإن الاحتلال بدأ بالتخلي عن البطيخ الفلسطيني منذ فترة طويلة، وفي هذا العام الذي يجري تبوير الأرض ( تركها دون زراعة) بالنسبة للمتدينين اليهود، جرى زرع مساحات كبيرة في المشهد والنقب ووادي عربة.
يقول: "الإسرائيليون يضربون موسمنا كل عام، ويريدوننا فقط لزراعة الخيار، الذي تحقق المصانع الإسرائيلية أرباحًا طائلة منه، فيما لا يحظى المزارع إلا بربح قليل، ويحتاج لجهد كبير، ومياه كثيرة."
 
إجراءات
 
وبحسب الوكيل المساعد في وزارة الزراعة د. علي غياضة، فإن الوزارة  دافعت عن مزارعي البطيخ، ومارست دورًا ليس من صلب اختصاصها أحيانًا، حين جمعت التجار وطلبت منهم شراء البطيخ المحلي. كما لاحقت البطيخ الإسرائيلي، وأتلفت وصادرت وغرمت وحولت للنيابة العامة بعض المخالفين ( أحد التجار غُرّم بدفع 3500 شيقل لقاء إدخاله شحنة بطيخ كبيرة لنابلس).
يفيد غياضة: "لدينا طواقم عملت على مدار الساعة، ووقفنا في مداخل أسواق الخضار المركزية، ومارسنا كل ما نستطيع لحماية المنتج الوطني، ولكن للأسف لا نستطيع ضبط الأمور تمامًا لطبيعة أسواقنا ومعابرنا."
واللافت في تأكيدات غياضة أن المزارعين في الأغوار وجنين لم يبيعوا في العادة بطيخهم داخل السوق المحلي، بل يجري تصديره عبر تجار إلى داخل الخط الأخضر، وحصل هذا في محصول الجزر الذي أرسل إلى السوق الأردني بمعظمه.
يتابع: "نسعى للموازنة بين ضرورة رفع الأسعار لحماية المزارعين، ولخفضها لصالح المستهلكين، وهذه معادلة صعبة وليس من السهل تحقيقها."
 
جهود
 
فيما يفيد مدير جمعية حماية المستهلك صلاح هنية: "من أول موسم البطيخ ونحن نقاتل على تفعيل قرار منع البطيخ الإسرائيلي من أسواقنا، وحماية للمزارع الفلسطيني، ولكن التجار ظلوا يعتبرون أنفسهم فوق القانون والمساءلة المجتمعية، وسوقوا وباعوا عينك عينك."
يقول: "الجمعية موجودة ولها دور في القطاع الزراعي، ولكن أحدًا لم يحرك ساكنا، فقد طلبنا باجتماع مع التجار لنقاش الأمر فخرجوا علينا بـ" مقطوعة موسيقية" تدعي وجوب التنسيق معهم قبل ثلاثة أشهر من مقاطعة أي محصول في السوق، حتى يرتبوا ملفاتهم!"
 
خلل
 
تحاور "آفاق"  ( في اتصال هاتفي مسجل) تاجر جملة في أسواق الضفة الغربية، وتسأله عن حاجة السوق للمنتج الفلسطيني، فيقول: "نفضل البطيخ الإسرائيلي لأنه أجود، وهامش الربح به أعلى، ولا نهتم بالبطيخ القادم من جنين وطوباس."
ويطالب عبد الرازق ومزارعون آخرون بحماية منتجاتهم، أسوة ببقية الدول، ويقولون: "إن عدم تحويل التجار للنيابة العامة، والاكتفاء بغرامات منخفضة على كبار التجار لن يحل المشكلة، التي تتكرر للسنة الثالثة على التوالي، ولا تفي وزارة الزراعة بوعودها لحماية البطيخ بشكل كامل، كما هو الحال بالنسبة للتبغ، الذي تفرض الضابطة الجمركية إجراءات حازمة على المتاجرين به وتلاحق مهربيه."
 
خسائر
 
بعيدًا عن الأخذ والرد، تبدو حقول جنين والبقيعة المزروعة بالبطيخ حزينة، فمصير المحصول توزع بين البيع بثمن زهيد جدًا ( بأقل من شيقل ونصف أحياناً للبطيخة التي تزن أحياناً أكثر من 15 كيلو غرام)، أو التعرض للإصابة بضربات الشمس، أو التعفّن بعد التخزين ثلاثة أسابيع تحت القش والكرتون، أو يضطر أصحابه لإعدامه ( كما قال عبد الرازق)!
يقول طارق أبو حسن، وهو بائع تجزئة في سوق جنين: " نبيع كيلو البطيخ النظيف بشقيلين وبشيقل ونصف، وبطيخ جنين نظيف لكن هامش الربح في الإسرائيلي أكبر، ومعظم المستهلكين يبحثون عن الرخيص، دون النظر للبضاعة."
وكانت (آفاق) فتحت في العدد السابق الملف ذاته، مساهمةً منها في إيصال صوت المزارع لجهات الاختصاص، وإنقاذ موسم البطيخ، الذي ذهب أدراج الرياح...
 
خاص بآفاق البيئة والتنمية
 
Loading...