رام الله - الاقتصادي - سجود عاصي - تتجمع مياه الصرف الصحي المعالجة في محطة البيرة للتحلية، بالقرب من وادي القلط، حيث عشرات المستوطنين بانتظارها.
قرب وادي القلط، ينصب مستوطنون يملكون مزارع "مصائد" للمياه المعالجة، ويضخونها في خزانات كبيرة لغرض ري مزروعاتهم.
ومحطة تحلية مياه الصرف الصحي في مدينة البيرة، أنشئت عام 2000، بهدف تنقية مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها في ري المزروعات.
المحطة، لم تتمكن من إيجاد تصريف لهذه المياه سوى التخلص منها في أحد أودية البيرة، بينما ترفض وزارة الزراعة الفلسطينية استخدامها في الري، باستثناء في بعض الحالات بعد فحصها مخبريا.
مدير دائرة الصرف الصحي في سلطة المياه، عادل ياسين، قال إن المحطة تم إنشاؤها بتكلفة 10 مليون يورو (43 مليون شيكل)، بدعم من بنك التنمية الألماني التابع للحكومة الألمانية، بطاقة إنتاجية تصل إلى 5750 ألف متر مكعب يوميا، قابلة للتوسع حتى 11500 متر مكعب.
وأكد ياسين للاقتصادي، أن المحطة صممت وفق المعايير والمواصفات الفلسطينية، والتي تتمثل في معالجة المواد العضوية والبيولوجية وإزالة البكتيريا البرازية، بغرض إعادة استخدامها في الزراعة.
وتستطيع المحطة القيام بالمعالجة الميكانيكية، التي تزيل الحصى والزيوت والشحوم، وكذلك المعالجة البيولوجية لإزالة الملوثات.
** إخفاق
على الرغم من أن المخطط الرئيس لإنشاء هذه المحطة والذي يتمثل بـاستخدام المياه المعالجة في منطقة (دير دبوان)؛ إلا أن المعيقات المحلية تسببت في الإحالة دون تنفيذ ما هو مخطط له، بسبب بعد المحطة بالأساس عن المناطق الزراعية، ورفض المواطنين إقامة محطات تحلية على أراضيهم واعتبارها ملوثة للبيئة.
ولأن المشروع يمر من المناطق المصنفة (ج)؛ فإنه لا يمكن إنشاء أية خطوط أو بنية تحتية في هذه المناطق بدون الحصول على موافقة إسرائيلية.
ووجد المستوطنون بالقرب من وادي القلط، في مياه محطة البيرة مصدرا هاما للمياه المستخدمة في ري مزروعاتهم بمناطق الأغوار.
وربط المستوطنون مجاريهم بالمحطة، ويقومون منذ أكثر من 10 سنوات بسرقة المياه المعالجة وإعادة استخدامها في الزراعة داخل المستوطنات الإسرائيلية.
ويعاني المزارعون في مناطق أريحا والأغوار من شح المياه اللازمة للري، وسط تحكم إسرائيلي في مصادر وتوزيع المياه.
وتشير دراسات عن جمعيات زراعية، أن زراعة النخيل التي أصبحت نفط الفلسطينيين في الوقت الحالي، متفوقة على زيت الزيتون في قيمة الصادرات، لن تكون كذلك بعد 10 سنوات بسبب عدم وفرة مياه الأمطار.
** رأي وزارة الزراعة الفلسطينية
ووفق بيانات وزارة الزراعة الفلسطينية، فإن الاحتياج المائي في فلسطين (شامل الضفة الغربية وقطاع غزة زراعيا) يبلغ حوالي 150 مليون متر مكعب سنويا.
وقال مدير دائرة استخدام المياه الهامشية في وزارة الزراعة عماد خليف، إن موقع محطة معالجة المياه التابعة لبلدية البيرة، خال من المناطق الزراعية التي يمكن استغلال المياه المعالة فيها، "وهو ما يجعلنا نخسر كميات كبيرة من المياه".
وقال خليف إن المياه التي لا يتم استخدامها وتذهب إلى الجانب الإسرائيلي سواء معالجة أو غير معالجة، يتم دفع مقابل من جانب الفلسطينيين عن كل كوب 2 شيكل، أي حوالي 180 مليون شيكل يقتطعها الجانب الإسرائيلي من المخصصات الضريبية الخاصة بالحكومة الفلسطينية.
وبعبارة أخرى، فإن المياه التي يفقدها الفلسطينيون في ري مزروعاتهم، ويسرقها المستوطنون، تدفع عليها الحكومة الفلسطينية أموالا لأن هذه المياه تمر من المناطق المصنفة ج.
خليف أكد للاقتصادي، أن المياه المعالجة ممنوعة من الاستخدام لري الخضراوات بكافة أنواعها، مهما كانت درجة نقائها، وفق أنظمة وزارة الزراعة الفلسطينية.
وزاد: "بالمقابل فإنه يسمح باستخدامها لري باقي المحاصيل الحقلية والشجرية دون استثناء، بشرط الالتزام بالتعليمات الفنية الإلزامية للوزارة، وكذلك الالتزام بالمواصفات الصادرة عن مؤسسة المواصفات والمقاييس وتصنيف الجودة الفلسطينية للمياه العادمة المعالجة".
وأشار خليف، إلى أن قابلية المياه المعالجة للري، تعتمد على النتائج المخبرية لهذه المياه والتي يعتبر فحصها أحد أهم الأمور التي تأخذها وزارة الزراعة بعين الاعتبار، قبل السماح باستخدامها، وهي ذاتها ما يحدد نوعية المزروعات التي يمكن ريّها بعد تقديم طلب من المستفيد باستخدامها.
وإلى جانب سعيها لتوعية المزارعين باستخدام المياه المعالجة بالطرق السليمة حتى لا تؤثر على العاملين أو المستهلكين أو على المنتج؛ نصح مدير دائرة استخدام المياه الهامشية في وزارة الزراعة، باستخدامها لري أشجار الفواكه بعد التأكد من نتائجها المخبرية.