ماهر تيسير الطباع مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة
رام الله - الاقتصادي - ساهمت الأوضاع الاقتصادية الكارثية في قطاع غزة، والمتمثلة في انعدام توفّر السيولة النقدية بين المواطنين، إلى جانب انعدام القدرة الشرائية للمواطنين، إلى ارتفاع حاد في حجم الشيكات المرتجعة في قطاع غزة.
وانتشرت ظاهرة الشيكات المرتجعة في قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة، وألقت بآثارها السلبية على حركة دوران رأس المال، وأحدثت إرباكاً كبيرا في كافة الأنشطة الاقتصادية في القطاع.
وتعتبر ظاهرة الشيكات المرتجعة، ظاهرة خطيرة جدا حيث أدت إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وتعميق الأزمة الاقتصادية، بسبب عدم تسديدها في مواعيدها، وبالتالي فإن عدم تحصيل قيمتها في تواريخ استحقاقها يسبب إرباكا في التدفقات النقدية وعدم تمكن أصحاب الشيكات من الإيفاء بالتزاماتهم في مواعيدها.
كما ويوجد صنفين من الشيكات المرتجعة، الأول نتيجة تعثر مالي حقيقي بسبب الأوضاع الاقتصادية، والثاني بسبب النصب والاحتيال؛ حيث أن البعض يصدر شيكات من دفاتر قديمة ومن حسابات موقوفة، بالإضافة إلى ظاهرة "التكييش" والتي تقوم فكرتها على لجوء العديد من المواطنين إلى شراء سلعة معينة كالسيارات أو الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والجوالات بالتقسيط عن طريق الشيكات، ومن ثم بيعها لذات الشركة أو لشركة أخرى أو لأشخاص آخرين ليحصلوا بذلك على سيولة نقدية، ويكون سعر البيع النقدي أقل من السعر الحقيقي.
وتحمل هذه الظاهرة مخاطر كبيرة على الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة، كما وتؤدي إلى تعثر المواطنين وإفلاس التجار، وتسببت كذلك في زيادة أعداد الشيكات المرتجعة، نظراً لعدم قدرة أصحابها على التسديد بسبب الديون المتراكمة والخسائر في بيع البضائع بسبب التكييش.
ويأتي هذا الارتفاع في الشيكات المرتجعة بالرغم من الإجراءات الصارمة التي اتبعتها سلطة النقد الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة للحد من هذه الظاهرة، و منها وضع عمولة كبيرة على الشيكات المرتجعة، وتصنيف صاحب الحساب الذي يرجع له أكثر من شيك في خانة القائمة السوداء بحيث لا يصدر له أي دفاتر شيكات.
وبحسب البيانات الصادرة من سلطة النقد الفلسطينية؛ بلغ إجمالي قيمة الشيكات المرتجعة في قطاع غزة خلال عام 2017، نحو 112 مليون دولار وهي تمثل ما نسبته 9.7% من إجمالي الشيكات المرتجعة في فلسطين.
ذلك مقابل 62 مليون دولار إجمالي الشيكات المرتجعة خلال عام 2016، و 37 مليون دولار إجمالي الشيكات المرتجعة في عام 2015.
ولأول مرة يتجاوز حجم الشيكات المرتجعة حاجز المليار دولار على مستوى فلسطين، حيث بلغ إجمالي قيمة الشيكات المرتجعة في فلسطين نحو 1.154 مليار دولار خلال عام 2017، بعدد 735,479 شيك، مقابل 775 مليون دولار خلال عام 2016، و670 مليون دولار خلال عام 2015.
وبعد هذه الأرقام الصادمة، فإنني أدق ناقوس الخطر؛ لأن حجم الشيكات المرتجعة غير طبيعي بالنسبة للاقتصاد الفلسطيني، وهو دليل واضح وقاطع على حالة الانهيار الاقتصادي الذي وصل له اقتصاد قطاع غزة.
لذا نأمل بتدخل عاجل وسريع من سلطة النقد الفلسطينية لبحث إمكانية تأجيل كافة مستحقات القروض ولكافة الفئات لمده ستة أشهر على الأقل، وذلك بهدف توفير السيولة النقدية المعدومة في أسواق قطاع غزة حتى لا تتفاقم الأوضاع الاقتصادية والمعيشية حيث أن قطاع غزة دخل إلى منحنى خطير جدا ووصل إلى الرمق الأخير من حاله الموت السريري.