الاقتصادي - (العربي الجديد) - رغم أن "غزة مارين" كان من أوائل حقول الغاز التي تم اكتشافها على السواحل الشرقية للبحر الأبيض المتوسط، إلا أن استثماره ما زال بعيد المنال، لأسباب تتعلق بالصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأخرى ترتبط بالانقسام الفلسطيني الداخلي.
وتشير التقديرات إلى أن الحقل الذي يعود اكتشافه إلى تسعينيات القرن الماضي، يضم أكثر من تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، ويقع على مسافة 35 كيلومترا من شاطئ غزة، وهو يتوسط حقل "ظُهر العملاق" المصري، وحقل لوثيان لنوبل إنرجي قبالة إسرائيل.
وتعرضت فلسطين في العام الماضي، لانتكاسة أخرى تمثلت في سعي مجموعة "رويال داتش شل" العالمية صاحبة الامتياز في "غزة مارين" لبيعه دون أن تجد مشتريا حتى الآن، وفقا لما هو معلن على الأقل.
وصرّح رئيس صندوق الاستثمار (الصندوق السيادي الفلسطيني) محمد مصطفى، في وقت سابق أن مباحثات تجري بين الصندوق و"مجموعة شل" لدراسة سبل خروج الأخيرة من الحقل.
وقال: "إن هناك توجها مبدئيا لدى صندوق الاستثمار لشراء حصة مجموعة "رويال داتش شل" بالتعاون مع مؤسسات مالية دولية، للمساهمة في توفير السيولة اللازمة لذلك".
وأبلغ مصدر مطلع في صندوق الاستثمار الفلسطيني أن الفترة الأخيرة لم تحمل أي جديد، على صعيد المفاوضات.
ويقول مدير "مشروع المساعدة الموحدة" الهادف لإنشاء مطار إنساني تديره الأمم المتحدة في قطاع غزة، أحمد الخطيب، إن هناك إمكانية لدخول شركة "ستات أويل" النرويجية والتي تملك الحكومة 67% من أسهمها في شراكة لاستثمار حقل الغاز قبالة شواطئ غزة.
وأشار إلى أن تدويل ملف الغاز "يساعد على تجاوز الكثير من القضايا والمعضلات وذلك بالتعامل مع كل التحديات بمهنية عالية".
واعتبر الخطيب أن ربط محطة توليد الطاقة في غزة مع حقل الغاز من شأنه أن يساهم في توفير الكهرباء بشكل مستدام، وهو ما يدفع مشروع إنشاء "المطار الإنساني" قدما دون الحاجة إلى استيراد الطاقة من إسرائيل أو مصر، وفي ذلك تذليل للأزمات الكبرى في قطاع غزة.
ويرى الخبير الاقتصادي نصر عبد الكريم أن مد أنبوب للغاز من حقل قطاع غزة إلى محطة توليد الطاقة التي يجري تدشينها حاليا في مدينة جنين شمال الضفة الغربية مرورا بإسرائيل، "لا يخدم المصالح الفلسطينية المتمثلة بالسعي الدائم للتحرر من التبعية الاقتصادية للاحتلال، والحفاظ على إمكانية الدفاع عن الخيارات السياسية في المستقبل".
ورأى أن البديل المتاح هو إبرام اتفاق في مجال الطاقة على أسس تجارية بحتة لا تخضع لاعتبارات أمنية أو سياسية، وبموجب هذا السيناريو ستحاول إسرائيل أن تفرض على الجانب الفلسطيني شراء الغاز من الحقول الخاضعة لسيطرتها بدلا من استخراجه من حقل غزة، أو مد أنبوب غاز مشترك، بحيث يكون بالإمكان بيع الغاز الإسرائيلي لدول عربية مجاورة دون حصول رفض شعبي لذلك".
وقال عبد الكريم إن هناك متغيرين اثنين يتحكمان في سوق الغاز، ولهما أثر استراتيجي في المنطقة، الأول: اكتشاف مصر لحقول ضخمة من الغاز، ما يؤهلها لتعود إلى قائمة الدول المصدرة للغاز مع حلول عام 2019.
والثاني: سيطرة إسرائيل على احتياطي ضخم من حقول الغاز، وسعيها للاتفاق مع قبرص واليونان لمد أنبوب بحري إلى السوق الأوروبية، لتنافس الغاز القادم من روسيا إلى القارة العجوز.
وأكد عبد الكريم أن القيمة المضافة لاستثمار حقول الغاز على الاقتصاد الإسرائيلي وصلت إلى 11 مليار دولار خلال السنوات الثلاث الأخيرة.