بيروت - الاقتصادي - إسراء لداوي - يعتبر مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، أحد المخيمات التي تكثر فيها المشاكل في كافة مناحي الحياة، من أزقته الضيقة التي لا تبصرها الشمس إلى سيول الصرف الصحي وضعف البنى التحتية والكثافة السكانية المرتفعة.
إضافة إلى تزاوج أنابيب المياه المتصلة ببعضها البعض والتي أدى تزاوجها إلى مقتل نحو 25 شخصا من المخيم صعقا بالتيار الكهربائي الذي حملته إليهم مياه الأنابيب المتسربة من داخلها عابرة أشرطة الكهرباء في مكامن الاهتراء.
إلى جانب مشكلة انقطاع الكهرباء المتكررة، بسبب إستهلاك الطاقة الزائد عن حده، والحركة الاقتصادية المعدومة في المخيمات الفلسطينية كافة لأسباب متعددة ومتنوعة.
هذه المشاكل وغيرها دفعت أهالي المخيمات للتصرف والعمل على اصلاح الوضع السائد بطريقتهم الخاصة؛ وفي هذا التقرير نجمل أبرز الطرق التي اعتمدها اللاجئين الفلسطينيين في لبنان لحل وتجاوز تلك المشاكل.
مجموعة شباب من مخيم برج البراجنة، أطلقوا على أنفسهم اسم "أبناء مخيم برج البراجنة"، عملوا على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي كوسيلة لايصال فكرتهم ونشر الوعي؛ من خلال إنتاجهم لأفلام توعوية قصيرة تتراوح مدتها ما بين الدقيقة الواحدة الى الدقيقتين.
هذه الأفلام كانت تهدف في الأساس إلى تسليط الضوء على مسببات المشاكل السائدة في المخيم وحلها.
وفي حديث خاص لموقع "الاقتصادي"، قال الناشط الشباب ومدير مجموعة أبناء مخيم برج البراجنة، عيسى محمود، أنهم بدأوا فعلياً بإنتاج الأفلام خلال العام الماضي، لتناول عدة قضايا أهمها الكهرباء وانقطاعها المتكرر، حيث قام مع المجموعة بالبحث عن المسببات الأساسية مستعينا بخبراء مختصين في مجال الطاقة.
وأضاف محمود، أن المشكلة التي كشفها كانت تتعلق بالاستهلاك الزائد للطاقة الكهربائية، وإلى استخدام بعض الآليات الكهربائية التي تتطلب استهلاك كبير للطاقة، على الرغم من أن هنالك آليات اخرى أقل استهلاكا.
وعلى سبيل المثال، أشار محمود، إلى أن استخدام مدفئة "king" التي تتطلب ٩ آمبير لجهاتها الأربعة عند تشغيلها وهي متواجدة في كل منزلٍ فلسطيني، وبناءا على هذه المعطيات فقط قمنا بإنتاج أول فيلم قصير تحت عنوان "وفر لمبّة بتنور حي"، الذي تناول مواضيع عدة منها الاليات التي تستهلك طاقة كهربائية اكثر من غيرها وترشيد المجتمع على كيفية استهلاك تلك الطاقة.
ولاقى هذا الفيلم تجاوبا و وتشجيعا كبيرا من قبل خمسة وعشرين ألف متابع على صفحتهم الخاصة، التي ينشر عليها كل ما يتعلق بالمخيم.
كما وساهم الاعلام الفلسطيني كقناة فلسطين اليوم وغيرها من القنوات بتسليط الضوء على أعمال المجموعة لنشر الهدف من الحملة التوعوية بشكل أوسع.
وقد حظيت المجموعة ايضا بدعم مادي من قبل جهات معنية بتحفيز الشباب الفلسطينين، لجعلهم قادرين على انتاج العديد من الأفلام التوعوية، لكونها الأولى من نوعها في الشتات.
وهذه الأفلام كانت قد انتجت باستخدام الهواتف الذكية لعدم وجود الامكانيات المتطورة اللازمة لإنتاج الأفلام، واضاف محمود قائلا؛ ان المشاكل التي يعيشها أبناء مخيم برج البراجنة معظمها مجهولة الأسباب، والبحث وراء السبب الأساسي هو الحل المؤكد لتلك المشاكل.
فقد عملت مجموعة أبناء مخيم برج البراجنة، على استخدام الطرق التوعوية بهدف الإصلاح والمساهمة بنشر الوعي لدى ابناء المخيم، "فنحن نسعى لايجاد الطرق والوسائل التي قد تساعد في تحسين الوضع المعيشي في مخيمنا".
وكانت المجموعة قد عملت في وقت سابق على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي من أجل التسويق للصناعة والبضائع المحلية، فالكثير من ابناءه لم يكن يعلم بتواجد تلك المحلات التجارية في مخيمه نظرا لكبر مساحته، وكانوا يتوجهون في اغلب الاوقات لابتياع حاجياتهم من خارج المخيم.
أما الآن، هناك تسجيلا دائما لصفحة "سوق نت" وتفاعل كبيرة من قبلهم " ولوجظ بأن هنالك الكثير من المتابعين هم من مختلف المخيمات الفلسطينية في لبنان.
وقد حظيت الصفحة بتجاوب كبير؛ حيث سجلت منذ عام ٢٠١٧ حتى الآن أربعة وعشرون ألف متابع .
بهذه الطريقة ساهم أبناء مخيم برج البراجنة في المساهمة بحل بعض المشكلات داخل المخيم، فهل سينجح أبناء المخيمات الفلسطينية الأخرى بتغيير وضعهم الراهن في لبنان وتحسينه نحو الأفضل دون قيود أو شروط؟