الاقتصادي - (العربي الجديد) - تتسارع الأحداث المتعلقة بقضية إعلان للرئيس الأمريكي دونالد ترامب القدس عاصمة للإسرائيليين، ما يجعل البعض في حالة قلق دائم: ما الذي سيحدث في المدينة، وهل سيتغير وضعها القانوني في المجتمع الدولي، وما تبعياته القانونية؟
يقول خبير القانون الدولي رزق شقير، إن "القرار الأميركي خاطئ ويتعارض مع القانون الدولي، والجمعية العمومية للأمم المتحدة، ومجلس الأمن. فكل هذه المؤسسات أكدت أن الوضع القانوني للقدس يراها أرضاً محتلة، واعتبرت أن التدابير الإسرائيلية المتخذة في المدينة وخصوصاً بعد ضمها عام 1967 لاغية وباطلة من الناحية القانونية ومخالفة لأحاكم القانون الدولي".
ما موقع واشنطن من القرارات الأممية؟
هذه القرارات كانت الولايات المتحدة جزءاً منها، وصوتت لصالحها ولم تمارس حق النقض (فيتو) بحقها، كما أن القانون الدولي لن يتغيّر ولن يتم التراجع عن قرارات مجلس الأمن، لأن واشنطن ليست من يقرر تغيير القانون الدولي أو قرارات مجلس الأمن"، وأن واشنطن "ليست طرفاً مهماً في بعض الاتفاقيات الدولية، مثل اتفاق روما الذي لم تصادق عليه، والبروتوكولين الإضافيين لاتفاقية جينيف لعام 1977، واتفاقية لاهاي لعام 1899 التي أصبحت لعام 1907، واتفاقية جنيف الرابعة، والبروتوكول الإضافي الأول لعام 1977".
هل هناك احتمال أن تتغير صفة "احتلال" عن القدس؟
بعتبر القرار الأمريكي مخالفاً للقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن بشأن الأرض المحتلة ومنها القدس، ومخالفاً لاتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل.
أولاً: إن القرار الأميركي يُعتبر اعترافاً من واشنطن بأن القدس عاصمة دولة إسرائيل، وهذا تجسيد وتكريس للقانون الإسرائيلي القائل بإن القدس بشطريها الغربي والشرقي، موحدة بصفتها عاصمة أبدية لإسرائيل.13 انتهاكاً للقانون الدولي في قرار ترامب
واستناداً إلى مبادئ وقواعد القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، أبدى شلالدة انتهاكات قانونية بشأن نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل؛ وهي على النحو التالي:
ثانياً: إن القرار الأميركي يعتبر مخالفاً لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي، الذي يحرم احتلال أراضي الغير بالقوة، بل ويحرّم مجرد التهديد باستخدام القوة في العلاقات الدولية.
ثالثاً: القرار الأميركي يعتبر مخالفاً لقرار التقسيم الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1947، والقاضي بقيام دولتين (يهودية وفلسطينية) ومنح القدس وضعاً قانونياً خاصاً تحت وصاية الأمم المتحدة.
ثالثا: - قرار رقم 2253 الصادر عام 1967 عن الجمعية العامة، والذي ينص على دعوة إسرائيل إلى إلغاء التدابير المتخذة لتغيير وضع مدينة القدس.رابعاً: القرار الأميركي مخالف لقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، علماً بأن هناك العديد من القرارات التي تخص القدس كأرض عربية محتلة، وتنص على تحريم وإبطال الإجراءات التي تتخذها دولة إسرائيل بشأن القدس. وأذكر هنا بعض تلك القرارات:
رابعا: - قرار مجلس الأمن بتاريخ 25 سبتمبر/ أيلول 1971 الذي يقول: "يؤكد المجلس - بأبسط وأوضح صورة ممكنة - أن كل الإجراءات التشريعية والدستورية التي تتخذها إسرائيل لتغيير معالم المدينة، بما في ذلك مصادرة الأراضي ونقل السكان، وإصدار التشريعات التي تؤدي إلى ضم الجزء المحتل من المدينة إلى إسرائيل؛ باطل ولا أثر له، ولا يمكن أن يغير وضع المدينة".
- قرار رقم 50/22 (ألف، باء) الصادر بتاريخ 4 ديسمبر/ كانون الأول 1995 عن الجمعية العامة، والمتضمن "شجب انتقال البعثات الدبلوماسية إلى القدس، وإعادة تأكيد معاهدتي لاهاي وجنيف على الجولان السوري".
خامساً: القرار الأميركي المحتمل مخالف لاتفاقية أوسلو والمعاهدات العربية الإسرائيلية.
سادساً: القرار مخالف للرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية بخصوص الجدار، والذي أكد انطباق اتفاقية جنيف الرابعة على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية.
سابعاً: إن الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل يهدف إلى تسهيل ممارسة السيادة الإسرائيلية على مدينة القدس المحتلة، وبهذا لا يجوز نقل السيادة على القدس المحتلة إلى إسرائيل كدولة محتلة. ولا يجوز - وفق القانون الدولي - أن تقوم واشنطن باعترافها بالقدس عاصمة لإسرائيل، كدولة محتلة تمارس أبشع الانتهاكات الجسيمة ضد الشعب الفلسطيني.
وبدلاً من الاعتراف؛ لا بد من اتخاذ الإجراءات القانونية لسحب الاعتراف بالكيان الصهيوني، بسبب انتهاكاته لقرارات الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، في كافة الأرض الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس الشرقية.وبالتالي؛ بدلاً من تحميل إسرائيل المسؤولية القانونية الدولية من جراء انتهاكاتها حقوق السكان المدنيين في القدس؛ فإنها تُكافَأ بالاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لها.
ثامناً: إن الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يعني الإبقاء على الوضع الراهن القائم على الاحتلال، وتوحيد المدينة تحت السيادة الإسرائيلية تنفيذاً لقرار ضم المدينة الصادر عن الكنيست الإسرائيلي، والإقرار بضم الأراضي بالقوة؛ وهو أمر يناقض مبادئ جواز اكتساب الأقاليم عن طريق الحرب.
تاسعاً: إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس يعزز ويدعم السيادة الإسرائيلية على القدس الشرقية والغربية، بناء على قرار الكنيست الإسرائيلي بضم المدينة بصفتها "العاصمة الأبدية" لإسرائيل، وفقاً لمقررات المؤتمرات الصهيونية العالمية.
عاشراً: نقل السفارة الأميركية يشرّع - من ناحية قانونية - ما أقامته إسرائيل من استعمار استيطاني في القدس، وخصوصاً أن هناك مباحثات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن اتفاقية إيجار بين الطرفين تتعلق بالسفارة الأميركية، وهذا سيؤثر على أملاك اللاجئين الفلسطينيين في المدينة. والاعتراف الأميركي ونقل السفارة يناقضان الالتزامات والتأكيدات الصادرة عن جميع الإدارات الأميركية السابقة.
حادي عشر: الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل مخالف لمبدأ عدم الاعتراف بالأوضاع الإقليمية غير المشروعة، وهذا المبدأ يؤكد على جميع دول العالم عدم الاعتراف بأي تصرف مخالف لمبادئ القانون الدولي، وهو التزام على دول العالم بالامتناع عن الاعتراف بأي مكاسب إقليمية غير مشروعة.
وهذا ما أكدته الجمعية العامة للأمم المتحدة في الإعلان المتعلق بالعلاقات الودية والتعامل بين الدول، والصادر عنها عام 1970؛ فقد جاء فيه أن "أية مكاسب إقليمية تم الحصول عليها عن طريق استخدام القوة أو التهديد باستخدامها لا يمكن الاعتراف بشرعيتها".
ثاني عشر: إن القرار الأميركي يخالف الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ويحُول دون تمكينه من حق تقرير المصير بإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. وهذا الموقف يعتبر حالة من حالات انتهاك قواعد القانون الدولي، وينبغي أن تتكاتف جميع الجهود الدولية - في الأمم المتحدة والمنظمات الإقليمية - لوقفه.
ثالث عشر: إن قرار الاعتراف الأميركي بالقدس عاصمة لإسرائيل يفتح الباب أمام دول العالم المساندة لإسرائيل باتخاذ قرارات مماثلة لما اتخذته الولايات المتحدة.