عمان - الاقتصادي - (الغد) - موسم آخر من هجرة الاستثمار إلى مصر، المرة الأولى كانت عندما هاجرت العديد من شركات العقار إلى أرض الكنانة، ليلحق بها في هذه المرة 70 مصنعا للألبسة، خلال 3 سنوات.
تلك المصانع هاجرت "مرغمة" بعدما لاقت ضوءا أحمر لاستثمارها في الأردن، بسبب السياسات المعيقة للاستثمار، المتعلقة بالاعفاءات ورسوم مدخلات الإنتاج وكلفة العمالة، إلى جانب تعدد المرجعيات والبيروقراطية وعدم ثبات التشريعات وخاصة المتعلقة بالضرائب.
في المقابل، لقيت تلك الاستثمارات المهاجرة ضوءا أخضر من مصر، عبر التسهيلات الممنوحة للمستثمرين الاجانب والإعفاءات الضريبية والجمركية، وتوفر الأيدي العاملة وتدني اجورها، وانخفاض كلف الانتاج من ماء وكهرباء.
الحكومة، ممثلة بوزارة شؤون الاستثمار، وهيئة الاستثمار، ليس لديها جواب كاف عن أسباب تلك الهجرة القسرية، وتقتصر إجابتها على كلمات مثل "ربما"، "نرجح"، "نتساءل"، وهو ما يعني غياب أي رصد أو دراسات حول الشركات المهاجرة، أو التي تعتزم الهجرة من المملكة.
وقال ممثل قطاع الألبسة والأقمشة والمجوهرات في غرفة تجارة الأردن أسعد القواسمي إن نحو 70 مصنعا للألبسة منها 10 مصانع أردنية هاجرت من الأردن إلى مصر خلال السنوات الثلاث الأخيرة بعد أن لاقت امتيازات واعفاءات لاستثماراتها هناك.
وبين القواسمي أن هناك عدة أسباب شجعت رؤوس الأموال تلك للهروب إلى مصر وهي الإعفاء الضريبي الممنوح للمستثمر في مصر، وسهولة الاستثمار من نافذة واحدة، وتوفر الأيدي العاملة وقلة أجرها، وانخفاض تكلفة الانتاج من كهرباء وماء، والاعفاء الجمركي لمدخلات الانتاج.
وأشار إلى أن الأردن أصبح يستورد البضائع التي تنتجها تلك المصانع في الوقت الذي كان بالإمكان المحافظة على بقائها في المملكة.
وبين القواسمي أن قيمة مستوردات الأردن من الألبسة الداخلية والخارجية من مصر ارتفعت خلال السنوات الثلاث الأخيرة نحو 50% إلى ما يقارب 20 مليون سنويا.
وقال إن "البضائع العربية من الألبسة في الأسواق هي بضائع مصرية بصناعة سورية، وقامت بتغطية نحو 90% من نقص الألبسة الصادرة من سورية والتي تأثرت بعامل الازمة والتوترات السياسية".
وأوضح القواسمي أن العوامل التي ساعدت على ارتفاع استيراد الألبسة من مصر هي أنها تخضع لاتفاقية جامعة الدول العربية المعفاة من الرسوم الجمركية، وثانيا سهولة النقل بين مصر والأردن، وانخفاض سعر صرف الجنيه المصري مقابل الدينار والدولار، وأخيرا جودة تلك البضاعة والتي تنافس البضاعة التركية.
وارتفعت قيمة مستوردات المملكة من مصر في الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي 7.5% إلى 238.8 مليون دينار مقارنة مع 222 مليون دينار في نفس الفترة من العام الماضي، بحسب آخر بيانات دائرة الاحصاءات العامة حول التجارة الخارجية.
ورأى القواسمي أن رأس المال السوري حاول التواجد في الأردن، ولكنه واجه العديد من المعيقات التي تتعلق بالاعفاءات ورسوم مدخلات الإنتاج وكلفة العمالة، إلى جانب تعدد المرجعيات والبيروقراطية وعدم ثبات التشريعات وخاصة المتعلقة بالضرائب.
وأشار إلى أن نحو 120 مصنعا للألبسة السورية في مصر ينتجون بضائع ذات جودة عالية تسوق في السوق المحلية والأسواق المجاورة ومنها الأردن.
بدوره، قال وزير الدولة لشؤون الاستثمار رئيس هيئة الاستثمار، مهند شحادة، إنه "ربما تكون المشكلة الحقيقية في هجرة تلك الاستثمارات البحث عن أيد عاملة أقل تكلفة".
ورجح شحادة، أن "يكون صغر السوق المحلية مقارنة مع السوق المصرية ساهم في خروج تلك المصانع أو مشاغل الألبسة إلى مصر".
وتساءل شحادة فيما إذا كانت البضاعة التركية أثرت على تواجدهم في السوق الأردنية ونافستهم ما دفعهم للرحيل والبحث عن سوق آخر.
من جانبه، اتفق مدير غرفة صناعة عمان الدكتور نائل الحسامي مع القواسمي حول الأسباب التي دفعت رأس المال السوري للهجرة من الأردن إلى مصر وخاصة بما يتعلق بالأيدي العاملة وتكاليف الإنتاج.
ولفت الحسامي إلى الامتيازات التي تمنحها دول مثل مصر وتركيا للمستثمر سواء من الجنسية أو الاقامة الدائمة.
وتطرق إلى أن كبر السوق المصرية والاعفاءات الضريبية والجمركية الممنوحة للمستثمر فيه تلعب دورا كبيرا في جذب الاستثمار.
وبين الحسامي أن عدد المنشآت السورية غير المجددة للاشتراك في غرفة الصناعة خلال الثلاث سنوات السابقة بلغ 13 منشأة من قطاع المحيكات.
وارتفعت قيمة مستوردات الالبسة وتوابعها من مصنرات خلال الشهور الثمانية الأولى من العام الحالي إلى 160.8 مليون دينار مقارنة مع 159.7 مليون في نفس الفترة من العام الماضي.
في حين تراجعت قيمة مستوردات الألبسة من ألبسة وتوابعها من غير المصنرات إلى 40.72 مليون دينار مقارنة مع 50.68 مليون في نفس الفترة من العام الماضي. وانخفضت قيمة مستوردات الأحذية وأجزائها في الشهور الثمانية الأولى إلى 43.662 مليون دينار مقارنة مع 54.44 مليون في الفترة نفسها من العام الماضي.