غزة - الاقتصادي - (راية) - يعتبر موسم إنتاج البلح هذا العام في قطاع غزة "تاريخي" من حيث الكمية، ففي القطاع توجد ربع مليون نخلة مثمرة أنتجت هذا العام ما يقارب 15000 طن من البلح بمختلف أنواعه.
هذه الكمية الكبيرة دفعت المزارعين والصانعين المهتمين إلى استغلالها بكل الطرق الممكنة، فلم تقتصر فقط على "البلح والرطب"، ولكن كل جزء من النخلة استخدمها المواطن الغزي في الصناعة، ليستفيد منه الإنسان والحيوان.
ولا يحتمل محصول البلح التخزين لفترات طويلة في الثلاجات، من أجل استخدامه في فترات لاحقة من العام، بسبب أزمة الكهرباء، الأمر الذي يعمل على فساد البلح ويسبب خسارة كبيرة للتاجر والمزارع، الأمر الذي يدفعهم لاستغلاله بالطرق المناسبة والاستفادة منه على مدار العام.
ويشتهر قطاع غزة بزراعة أشجار النخيل المثمرة، فمع بداية أكتوبر من كل عام، تبدأ مراسم قطف البلح "الحياني" والتي تتشابه إلى حد كبير مع مراسم الأفراح، يبدأ خلالها عشرات النخالين بالاستعانة بمئات العمال استعداداً لإتمام عرس سنوي ينتظره مئات التجار وآلاف المواطنين.
كما يوفر موسم القطف مئات فرص العمل للعمال والمزارعين الذين ينتظرون بدء الموسم بشغف كبير، ووفقاً لمعطيات رسمية، فإن عدد الفلسطينيين الذين يعملون في قطاع النخيل في قطاع غزة بلغ نحو 5000 عاملاً.
السيدة "أم أنور" وابنتها ومجموعة من النساء العاملات في مزرعة النخيل المجاورة لمنزلها بمدينة دير البلح، يجلسن وبين أيديهن وعاء مليء بـ "الرطب" يقمن بتقشير الجزء الخارجي منه وإخراج النوى من داخله، ثم ترتيبه في أواني خاصة لوضعه في المُجفِّف الشمسي، وهو عبارة عن دفيئة بلاستيكية بداخلها مجموعة من الأعمدة لترتيب الاواني عليها، لسرعة التجفيف والحفاظ على نظافته من الحشرات الطائرة.
لم يقتصر العمل عند أم أنور (50 عاماً) على صنع العجوة فقط، فهي تقوم بعمل "الدبس من الرطب"، و"المربى من البلح الاحمر"، حيث تقوم بتقشير البلح ووضعه في وعاء كبير وغليه، ومن ثم اخراج النوى منه ووضع بدلا منها اللوز، ثم تعيد طبخه على الغاز حتى ينضج, وتأخذ عملية الطبخ حوالي 12 ساعة حسب الكمية.
ومن داخل المجفف الشمسي يتفقد المزارع جمال ابو جميزة العجوة ويتابع العمل مع العمال، يقول: "محصول النخيل في غزة يعد منتجا وطنيا ومن أساس الاقتصاد الفلسطيني، ويعتبر البلح الحياني اكثر انواع البلح جودة واشهرها في قطاع غزة".
ولم يتوقف الأمر على ذلك فقط، فالمزارع أبو جميزة (60 عاماً) يصنع القهوة من نوى البلح أيضا، حيث يقوم بتنظيفه وغسله وتجفيفه وطحنه مع الهيل واضافة 20% قهوة وخلطها مع بعضها البعض، لتخرج على شكل قهوة ذات جودة عالية، تم عرضها في عدد من معارض المنتجات الغذائية.
حتى أوراق النخيل "الجريد" يتم استغلاله عقب عملية القطف سنويا، ويشير إلى تجميع الأوراق وتنشيفها وطحنها واستخدامها في صناعة غذاء الحيوانات، كما يستخدم البلح الضعيف أو ذلك البلح غير الصالح للاستهلاك البشري كغذاء لبعض الحيوانات.
ورغم الإنتاجية الكبيرة هذا الموسم، إلا أنه يعاني أيضا من تدني أسعار البلح ومشتقاته، لعدم فتح الباب لتصديره للخارج.
وزارة الزراعة بغزة أوضحت أن موسم النخيل لهذا العام مبشر، حيت بلغ عدد اشجار النخيل ربع مليون نخلة تنتج 15 الف طن من البلح، ويتم تحويل جزء منه إلى "رطب"، مشيرا إلى أن ما يقارب 13 الف طن يتم تسويقه محليا أو يستخدم في الصناعات التحويلية إلى "عجوة ومربى ودبس وغيرها".
وأشارت وزارة الزراعة إلى أن 1500 طنا من الكمية الفائضة، يتم تخزينها في ثلاجات، أما للتصدير في حالة سمح الإحتلال أو بالتسويق خلال فترات العام، ويتم تحويل 4 الاف طن من التمور اإلى عجوة.
وفي اطار استغلال محصول البلح، تحاول وزارة الزراعة العمل مع الشركاء من اجل ايجاد مصانع آلية لزيادة منتج العجوة والعمل على رفع وتيرة الانتاج المحلي وتحويل الرطب الى عجوة، الا أن ذلك يحتاج الى جهد كبير وطاقات من المزارعين والوزارة.
وأطلق التجمع العنقودي للتمور والنخيل في قطاع غزة قبل أيام، معرضًا وطنياً للبلح بكافة أنواعه ومنتجاته، والذي يضم لأول مرة "شوكولاتة البلح".
وتتكون "شوكولاتة البلح" من عجن البلح بمزيج من الشوكولاتة، بالإضافة لوضع الشوكولاتة والمكسرات بدلاً من النواة داخل البلحة.
بالإضافة الى ذلك، نجحت نحو 71 سيدة فلسطينية، للعام الثاني على التوالي، في إدارة مصنع ربحي لإنتاج عجوة البلح في قطاع غزة.
ويعمل في المصنع نساء من ذات المدينة نجحنّ في انتاج عشرات الأطنان من العجوة، وتسويقها في السوق المحلية بقطاع عزة، حيث ارتفعت الكمية المنتجة هذا العام الى 40 طنا.