هل يقبل المجتمع الفلسطيني فكرة التعارف والزواج عبر الإنترنت؟
AHC: 0.80(%)   AIB: 1.04(3.70%)   AIG: 0.17(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.27(%)   AQARIYA: 0.78(%)   ARAB: 0.85(3.66%)   ARKAAN: 1.29(0.00%)   AZIZA: 2.84(%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.49(%)   BPC: 3.70(1.07%)   GMC: 0.76(%)   GUI: 2.00(%)   ISBK: 1.12(%)   ISH: 0.98(%)   JCC: 1.53( %)   JPH: 3.58( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.47(%)   NAPCO: 0.95( %)   NCI: 1.75(%)   NIC: 3.00(%)   NSC: 2.95(%)   OOREDOO: 0.79(%)   PADICO: 1.01(%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 3.91(0.00%)   PEC: 2.84(%)   PIBC: 1.09(%)   PICO: 3.50(%)   PID: 1.91(%)   PIIC: 1.72(%)   PRICO: 0.29(%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.06(%)   RSR: 4.50(%)   SAFABANK: 0.68(%)   SANAD: 2.20(%)   TIC: 2.98(%)   TNB: 1.20(0.00%)   TPIC: 1.95(%)   TRUST: 2.85(%)   UCI: 0.38(%)   VOIC: 5.29(%)   WASSEL: 1.00(%)  
12:00 صباحاً 24 تموز 2015

هل يقبل المجتمع الفلسطيني فكرة التعارف والزواج عبر الإنترنت؟

رام الله-غزة- الاقتصادي- أمجد وسوسو أبناء عمومة، يقطنان ذات البناية. منذ أشهر قليلة تمت خطبتهما ويستعدان للزواج مطلع العام القادم. وبالرغم من صلة الدم القريبة جداً المضاف إليها الجيرة، إلا أن علاقتهما كما يؤكدان بدأت وتبلورت على الإنترنت. تقول سوسو: "لم يكن لهذه الخطبة أن تتم ولهذا الحب أن يولد لولا التواصل الالكتروني الذي نشأ بيننا منذ سنين".

توضح الخطيبة أن طفولتهما المشتركة لم تكن دافعاً لأي منهما لإقامة علاقة مع الآخر، أو التفكير في الارتباط به، لكن مشاركة أفكار المراهقة وأحاديث الصبا الجميلة وتقاسم الذكريات غير البعيدة واكتشاف نقاط الالتقاء بين الشخصيتين، كل هذا كان له الأثر الأكبر – من وجهة نظرها – على ارتباطهما العاطفي. يتفق أمجد مع خطيبته على أن الماسنجر أتاح المساحة الحقيقية للتقارب، في ظل العادات والتقاليد المتحفظة التي تمنع الشاب من الحديث الخاص مع ابنة عمه أو مشاركتها الاهتمامات، فور أن يكبر الشاب وتكبر الفتاة وتبدأ تحتجب عنه وتغطي شعرها أمامه ولا تتفوه وإياه سوى للضرورة أو إلقاء السلام. كما ينوه خطيب سوسو إلى أن الأمر يتفاقم في ظل وجود مشاكل عائلية تحول دون تواصل أسرتها وأسرته، لكنه يبدو سعيداً، بل وفخوراً بانتصار حبه في النهاية على العقبات. أما هي، فتنهي حديثها بأمنية أن تستمر بينهما أحاديث الماسنجر بعد الزواج، خاصة وأن مشاكلهما الحالية رغم بساطتها – كما توضح لنا – لا يحلّها سوى الحديث الالكتروني الذي يعطي الفرصة للطرفين للتفكير المضاعف قبل قول شيء، والاستماع للآخر بإنصات عالٍ نفتقده في الحديث الشفوي العادي خاصة وقت الغضب.

 

تجارب ناجحة

والدة المهندس (ي.) من عمان الأردن صرحت لنا أن عروس ابنها المنتظرة هي خريجة جامعية من جنوب قطاع غزة، تعرّف عليها عن طريق الإنترنت وتم عقد القران بواسطة توكيل أحد أفراد عائلة المهندس القاطنين غزة لإتمام العقد وإجراء اللازم، وهم في انتظار إكمال الإجراءات القانونية الطويلة لسفر العروس ووالديها لعمان. والدة العريس (ي.) أكدت أنها أحبت الخطيبة البعيدة كأنها ابنتها، وقالت: "التليفون والإنترنت صارا يقربان كل بعيد، فقد رأيتها وحدثتها كثيراً كما لو كانت جارتي، ليس هناك فرق". الأم المتفهمة رحبت بقرار الابن الذي صارحها بحقيقة بدء العلاقة ولم تتحسس من جرأة عروس ابنها أو تتخوف من هذا الشكل من الزواج، وأضافت: "نحن في زمن يختار فيه أولادنا وبناتنا زوجاتهن وأزواجهن، وأنا أثق باختيار ابني لأنه في عمر مناسب وأنهى دراسته ويعمل أيضاً".

لقاء آخر جمع بين ريم وبشار قبل نحو خمس سنوات في إحدى غرف المحادثة لأحد المواقع العربية، أسفر عنه عائلة سعيدة بثلاثة أطفال. والدة بشار قالت بوضوح: "كنت مترددة قليلاً عندما صارحني ابني ولم يكن بعد قد استقر في عمل يناسبه بعد التخرج، برغبته في الزواج من فتاة تعرف إليها عن طريق الإنترنت". لكن الوالدة عندما التقت الحبيبة في إحدى الأماكن العامة صحبة ابنها، أحبتها كثيراً – كما تقول- وسعدت بها أيما سعادة. تنوه أيضاً أنها رغم هذه السعادة والمحبة ظلت متخوفة في أكثر من مرحلة: "لم نكن نعرف عن أهل الفتاة الكثير، وعندما عرفنا تكشّف لنا أنهم يختلفون عنا في الطباع والعادات، كما أننا واجهنا صعوبات شديدة في تمهيد التعارف عليهم حتى يبدو الأمر طبيعياً، حيث يستحيل تقبّلهم لعريس نشأ بينه وبين ابنتهم علاقة عبر الإنترنت". هذا ما أكدته الزوجة ريم أيضاً: "أنا التي طلبت من حماتي العزيزة التقرب لإحدى أخواتي واختلاق صدفة للتعارف بها، والحق يقال إنها تفهمت كل هذا وكنت خجولة كثيراً في كل هذه التفاصيل". رفض أهل ريم في البداية هذا الزواج للعديد من الأسباب، لكن تعلّق بشار بها دفع أهله لإرسال الوساطات الاجتماعية وأثمر الضغط في النهاية. تضيف ريم: "كنتُ أتحسس قليلاً عندما تضطر حماتي للكذب على أقرباء زوجي بشأن تعارفنا، لكن ما العمل؟ مجتمعنا عموماً ينظر بسلبية تجاه العلاقات الالكترونية بين الشاب والفتاة".

مخاوف

منذر ل. محاسب ناجح متزوج وله طفلان، لكنه غير سعيد كما يقول في حياته الزوجية، حيث تزوج بشكل تقليدي بعد فسخ خطبته على حبيبته لتباعد المسافات وصعوبة اللقاء الجغرافي بين الضفة وغزة. يكره منذر هذه الخصوصية الفلسطينية التي حكمت بالإعدام على حبه الذي وُلد على صفحات الإنترنت في أحد المنتديات، واستمر حتى وصلت الأمور لشكلها الرسمي، وكتب كتابه على من اختارها قلبه وعقله. يقول: "لقد تعارفنا بشكل عادي، وتبادلنا بعض الخبرات الحياتية والعملية حتى أعجبت بها وتيمن شعوري بالتعلق والحب الحقيقي الذي بادلتني إياه". وبعد تعارف الأهل على بعضهم – كما يسرد لنا- تم إرسال توكيل منه لمحامٍ لعقد القران عليها استعداداً لإتمام الزواج. ليفاجأ بعد ذلك بصعوبة دخولها قطاع غزة الذي يسكنه، والملل من المحاولات المتكررة، ثم ترددها الأخير في البعد عن أهلها والاستقرار في القطاع المحاصر المغلق الذي قد يكون أقرب إلى أوروبا وكندا من الضفة الغربية!

س.م وك.م عاشقان في المرحلة الجامعية أيضاً من عائلة واحدة. جمعت بينهما صفحات الفيسبوك بعد أن علما بصلة القرابة البعيدة بينهما. س و ك يطمحان للزواج، غير أن ك توضح مخاوفها من هذا الشكل من أشكال الارتباط والذي قد ينتج عنه – من وجهة نظرها – بعض المشاكل الزوجية بعد ذلك، والمتمثلة في الشك والغيرة المفرطة من قبل الزوج، وكره العلاقات الالكترونية أو التحسس من الإنترنت عموماً. تقول: "أنا في حيرة من أمري فيما يتعلق بقرار الزواج، على الرغم من حبي الشديد له، كما أني متخوفة من تفاصيل العلاقة الخاصة بعد الزواج مع شخص لم ألتقه". تختلف عنها هدى الصحافية من غزة التي ارتبطت بفنان تشكيلي عربي يعيش في إحدى الدول الاسكندنافية، راسلته لموضوع صحافي ثم نشأت علاقة بينهما تكللت بالزواج. حيث تؤمن هدى بأن جميع مشاكل الزواج هي في العادة تقليدية تتعلق بتفاصيل الحياة اليومية، ولا شأن لها ببداية العلاقة أو كيف تعرف الزوجان وما إلى ذلك. كما تؤكد أن حياتها وزوجها في إطارها العادي، بعد أن قلّت جذوة المشاعر الأولى الاندفاعية التي نشأت بين دفات برامج المحادثة، وبقي الاحترام والتقدير والخلافات العادية بالطبع.

دوافع وآثار

بسمة يونس، أخصائية نفسية تؤكد فشل غالبية هذه التجارب رغم بعض الاستثناءات، لأن هذا المجتمع الالكتروني المفتوح دفع بالشباب لاستسهال إقامة العلاقات وخوض التجارب بأنواعها، خاصة في ظل غياب الرقابة من الأهل ووسط الاغتراب العائلي والاجتماعي الذي يعيشه الجيل الشاب. كما تؤكد أن التنشئة الاجتماعية والتربوية التي تحاصر طاقات الشباب، ولا تعير رغباته واحتياجاته أهمية دفعت بكلا الجنسين للتوجه نحو العلاقات غير المباشرة وغير الواضحة كي يقدم كل طرف للآخر نفسه بأفضل ما يكون، حتى وإن اضطر للكثير من الكذب. تنوه بسمة للآثار النفسية المدمرة التي تلحق الشاب أو الفتاة بعد خوض تجربة فاشلة من اكتئاب وقلق وصدمة إلى غير ذلك من التوابع المؤثرة على العلاقات المستقبلية والنظرة للجنس الآخر. لكنها تشدد على أن الفتيات هن الأكثر تأثراً وأنهن الضحايا المفترضين في الغالب لأسباب ثقافية عديدة معروفة.

الأخصائي الاجتماعي سمير زقوت يرى أن الإنترنت هو لغة العصر، وأن الزواج من خلاله بات مقبولاً وعلينا فهم التطور الطبيعي للحياة وعدم الوقوف أمام كل ما هو غريب عنا اليوم بغض النظر عن ماهيته، لأنه قد يصبح فيما بعد أمراً لا غبار عليه. وقد شرح لنا الدافع الأساسي المؤدي للتوجه نحو شبكة النت للبحث عن الشريك، حيث الرغبة في الاستقلال خارج دائرة الرقابة الأسرية التي تسيطر على الشاب أو الفتاة في هذه المرحلة العمرية، تتحقق من خلال العلاقات الالكترونية المباحة والمتنوعة. لكنه نوه إلى العديد من الآثار السلبية التي تنشأ حتى في ظل التجارب الناجحة، حيث يشوب هذا النمط من العلاقات الغموض وعدم الوضوح المؤدي للخلاف وعدم التكافؤ والطلاق أحياناً.

Loading...