رام الله - الاقتصادي - (العربي الجديد) - يواجه المزارعون الفلسطينيون ظروفا جوية صعبة، تتمثل في ارتفاع الحرارة فوق معدلاتها السنوية بما يصل إلى 10 درجات مئوية منذ بداية شهر يوليو/ تموز الجاري.
وأدى ذلك، إلى نضوج مبكر لبعض المحاصيل التي انخفضت أسعارها بشكل ملحوظ نتيجة الفائض المؤقت في الإنتاج، خصوصا بعض أصناف الخضار.
وفي الوقت ذاته، انعكست الآثار المترتبة على الحر باختفاء أصناف أخرى من المنتجات الزراعية من الأسواق وبالتالي بارتفاع كبير في أسعارها.
وقال تجار في سوق الخضار المركزي بمدينة البيرة، إن أسعار البندورة (الطماطم) والخيار انخفضت مؤقتا بسبب النضوج المبكر، ويتوقع أن تتضاعف في الأيام القادمة نتيجة الآثار متوسطة المدى لموجة الحر، بينما توقف وصول الكميات المطلوبة من أصناف أخرى، مثل الفاصولياء، إلى السوق نتيجة تلف المحصول.
وتراجع إنتاج الحليب في مزارع الأبقار بنسبة لا تقل عن 20%، فيما قال مربو الدواجن إن "أعدادا كبيرة نفقت في حظائرهم نتيجة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة، وعدم قدرتهم على تهيئة الحظائر للتلاؤم والظروف الجوية الراهنة".
ويزيد من معاناة المزارع الفلسطيني عدم توفر مياه كافية يمكن من خلالها تعويض النبات عن ارتفاع عمليات النتح في الأجواء الحارة، وهو ما يجعل الخسارة مضاعفة.
وتسجل درجة الحرارة العظمى في الأغوار الفلسطينية - ومنها تأتي معظم الخضار المستهلكة - ما بين 40 إلى 48 درجة مئوية، وهو معدل مرتفع عما هو معتاد في الأراضي الفلسطينية.
ويقول رئيس جمعية طمون التعاونية للزراعة المحمية، محمد بشارات، إن للحر آثارا سلبية مباشرة تتعلق بمنع جني الثمار في الوقت المناسب، وهو ما يؤدي إلى تقليل المحصول، وأخرى غير مباشرة ترتبط بجفاف التربة والتبخر، هذا بالإضافة إلى تشقق الثمار في مرحلة ما قبل النضوج بسبب الحرارة العالية، وهو ما يعني تلف المحصول في هذه الحالة.
وأكد بشارات أن التكاليف المرتبطة بالري الزائد في حال توفر المياه تلقي بظلال سلبية على هامش الربح المتاح لدى المزارع، لافتا إلى غياب أي مظلة حقيقية لتعويض المزارع الفلسطيني في حال تعرض للخسارة نتيجة تطرف أحول الطقس.
وقال إن موجات الحر في الصيف الحالي جاءت بعد موسم مطري ضعيف من حيث الكميات والتوزيع، وهو ما أدى إلى نقص في إنتاج الآبار الارتوازية، ولم تعد كميات المياه المتوفرة كالمعتاد، ما ترك المزارعين بلا خيارات عملية لمواجهة موجات الحر المتلاحقة.
وحول إمكانية تظليل المزارع، كما هو عليه الحال في المستوطنات اليهودية الزراعية في الأراضي المحتلة، أكد بشارات أن التظليل يساهم في حجب ما بين 20 إلى 30% من كميات الحرارة عن النبات وبالتالي إنقاذه من التلف، إلا أن الكلفة المادية المترتبة على ذلك لا يستطيع معظم المزارعين الفلسطينيين احتمالها.
وتقول مديرة الإرشاد في وزارة الزراعة الفلسطينية، ضحى عابدة، أن هناك بعض التدخلات المتاحة قليلة الكلفة، مثل وضع قوالب من الثلج في المياه المخصصة للدواجن والثروة الحيوانية، ورش "الشيد" الأبيض (المادة التي تُطلى بها الجدران) على أسقف الدفيئات الزراعية لتقليل الحرارة في داخلها.
ويؤكد الخبير الزراعي فارس الجابي، أن الإنتاج الحيواني من أكثر القطاعات تضررا، إذ نفقت أعداد كبيرة من الدواجن التي لم يتمكن أصحابها من ملاءمة الحظائر للظروف الجوية الراهنة، كما أن انخفاض إنتاج الحليب يضع مربي الأبقار أمام تحديات تتعلق بالمواءمة بين الكلفة والعائد.
وأشار الجابي إلى أن الحر يساعد على فقدان النبات للمياه، ويكون الحل عادة بتعويضه عن كميات المياه التي يفقدها من خلال الري المتكرر، وفي حال عدم وجود إمكانية لذلك بسبب ندرة المياه وسيطرة الاحتلال الإسرائيلي على معظم الآبار الارتوازية والمياه الجوفية، يقل عمر الخضار ويتركز الإنتاج في النضوج المبكر، كما أن جودة المنتج تكون أقل من المطلوب والمأمول.