رام الله- الاقتصادي – ريم ابو لبن – الدقائق الخمس الأخيرة قبل الافطار هي الأصعب للصائم، فهو يجلس على مائدة الافطار في شهر رمضان يحدق بأفراد عائلته فمهنم من يقرأ الدعاء قبل الأذان، ومنهم من يتمتم "يا شيخ أذن طولت" بعد أن قضى ما يقارب 16 ساعة بلا مأكل ولا مشرب، والوالد يجهز ابرة الانسولين ليحقنها بعد أن يؤذن المؤذن، والأم لا تتوقف عن احضار اشهى الأصناف والأطعمة التي تتميز بها مائدة رمضان لتلبي رغبات أفراد العائلة بعد أن تسابقوا لتحديد الأصناف المختلفة على المائدة، وتضيف ام محمد وهي تحضر الأواني الخاصة لسكب الطعام " مائدة رمضان بتكسر الجيبة". فتكلفة المائدة في رمضان أعلى من تكلفة الموائد اليومية لتعدد الأصناف وارتفاع أسعار المواد الغذائية والخضراوات المستخدمة والحلويات . وتضيف "كلشي في رمضان برتفع سعره".
رمضان "كسرة للجيبة"
" الناس بصرفوا في شهر رمضان ضعف الأشهر العادية، والصايم في النهار بتمنى أن يأكل كل المأكولات في الدنيا وما تشتهي نفسه " قالها وابتسم البائع رزق جرادات الجالس تحت مظلة تقيه من أشعة شمس صيف رام الله الحارقة، منتظرا الزبائن لشراء اللوز والجوز لعمل القطايف " كيلو القطايف اليوم سعره 15 شيقلا، وكيلو الجوز ما يقارب 60 شيقلا، إضافة إلى جوز الهند، والابهارات والزيت، تقريبا مجمل تكلفة عمل القطايف وتحديدا لأسرة تحتوي على عدد كبير من الأفراد تعادل تكلفة عمل" طبخة" في شهر رمضان . قديما كانت مجمل تكلفة القطايف وبمواده لا تصل 20 شيقلا واليوم كل شيء ارتفع ودخل الفرد على حاله".
اختلاف بين محافظة وأخرى
تكلفة مائدة الافطار في رمضان تختلف من محافظة إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى وحتى من قرية إلى أخرى، ويرتبط هذا الاختلاف باختلاف طبيعة الأصناف والمأكولات التي تقدم على المائدة، وبعدد الأفراد ففي القرى تجدهم حسب ما ذكر بعض المواطنين يعتمدون على الجمعات الكبيرة ولمة الأفراد والعزايم والموائد الكبيرة التي تتعدد في الأصناف بما يتناسب مع عدد الضيوف، على عكس المدن فتجد الموائد الرمضانية على الأغلب تقتصر على أفراد الأسرة فقط، ولكن بالمقابل الأسعار في المدن أغلى بكثير من القرى. يقول زرق جرادات لـ"الاقتصادي". ويضيف"مدينتا الخليل ونابلس الأسعار فيهما أقل من رام الله والقدس وحسب ما قيل عن الأخيرتين (بيع فيها ولا تشتري منها) "، اما باقي المحافظات كالخليل ونابلس "اشتري منها وما تبيع فيها " ، رام الله اغلى المدن الفلسطينية وبالتالي تكلفة مائدة رمضان فيها اعلى من غيرها من المدن .
"رمضان في هالبلاد بكسر الجيبة "، هكذا وصف راسم فارس حال رمضان هذا العام والذي لا يختلف كثيرا عن الأعوام السابقة، بل بالعكس فحسب ما ذكر الباعة والمواطنون بأن هذا العام شهد ارتفاعا في أسعار المواد الغذائية واللحوم بشكل ملحوظ مقارنة مع السنوات السابقة.
وأضاف المواطن راسم في هذا الجانب "طبيعي في رمضان انت بتصرف اكثر على موائد الطعام، وجبة الإفطار هي عن 3 وجبات رئيسية، وتكلفتها أكثر من الأيام العادية، ولكن الإنسان يستطيع أن يقلل من كمية الأصناف على المائدة فلا داعي لتعددها، ولكن نحن شعب في مجمله بحب يصرف على موائد الطعام أكثر من اللازم ".
أعباء إضافية على المواطن
" نحن اللي بنكسر الجيبة مش رمضان "، هذا ما أكدته المواطنة امتياز المغربي، حيث أِشارت إلى أن المواطن تكثر رغباته في رمضان، وتكثر الأصناف على المائدة والتي تزيد عن حاجة الأفراد، وتكفي لاطعام 3 عائلات وليس عائلة واحدة فقط، والغريب أن الصائم في اول يوم رمضان تكون لديه الرغبة الكبيرة في تناول أصناف متعددة من المأكولات أمامه، ولكن منتصف الشهر تقل رغبته وتبقى الكميات ذاتها التي تصرف منذ بداية الشهر وهذا تبذير بحسب رأي وزيادة مصاريف هم بغنى عنها، فالمواطن نفسه هو الي بكسر جيبته ".
فريق آخر، يجد أن تكلفة المائدة في رمضان وتجهيز الأصناف والمشروبات المعتادة، لا تختلف تكلفتها عن الأيام العادية ، فأم أسامة تقف في طابور طويل تنتظر شراء القطايف، فهذا الصنف من الحلويات لا يؤكل الا في رمضان، ما يضفي نكهة للشهر الفضيل حسب ما ذكرت ام اسامة .
" هذا الشهر هو شهر عبادة ، وليس فقط شهر للتباهي والتفاخر بكم المأكولات وحجمها والتي توضع على المائدة، فلا داعي للتبذير في ظل وجود ازمة اقتصادية تعصف بالموظفين، فزوجي موظف حكومي وافراد أسرتي سبعة، ولذا نقتصد في دخلنا، وتكلفة مائدة الطعام في رمضان بالنسبة لأسرتي هي مشابهه للايام العادية فهم يأكلون مما هو متوفر، وانا اضع صنفا رئيسيا بجانب المقبلات ولا اعتمد التعدد في الأطباق، وبالتالي رمضان ما بكسر الجيبة ".
طقوس لموائد رمضانية تنسيك تكلفتها
" في اليوم الأول أطباق بيضا " هكذا تستقبل أم ثائر من مدينة رام الله اليوم الأول من شهر رمضان، حيث تتزين مائدة الافطار باللون الابيض استبشارا للخير حسب ما ذكرت في حديثها للاقتصادي " اللون الأبيض مرتبط بالخير ورمضان هو شهر الخير، فاليوم الاول تقتصر مائدة الإفطار على الأصناف التي يدخل في تركيبها اللبن مثل " الشاكرية " وهي عبارة عن لحمة غنم مسلوقة مع لبن وبجابنها رز أبيض، ويسمونها في الخليل " لبن أمه" ، إضافة إلى صنع الكبة اللبنية، والكوسا مع لبن وحشوها باللحمة، وهذه المأكولات الخفيفة التي كنا نتذوقها في مسقط رأسي في سوريا، فهذه العادة توارثتها عن اجدادي وطبقتها على المائدة الفلسطينية.
وأضافت " ما يميز المائدة الرمضانية ايضا وجود المشروبات من السور، والخروب، وعصير قمر الدين، إذ أن المائدة السورية كانت تقتصر على السوس والتمر الهندي، وكنت لأول مرة اتذوق الخروب هنا في فلسطين ، ومن ضروري توفر هذه المشروبات لأنها مرطبة وبتسد العطش".
"أنا بحلم بالمائدة من أول يوم صيام"، هذا ما أشارت إليه المواطنة آيه نزيه حيث تميزت مائدة الطعام بتنوع أصنافها الجاذبة لأفراد الأسرةـ، فقد ذكرت ان أهم ما يميز مائدة رمضان أنها تجمع الأفراد على عكس الأيام العادية التي يضطر فيها الفرد إلى تناول الغداء بمفرده لاختلاف اوقات العودة إلى البيت"، المائدة بتجمعنا في بيت العز ". وأضافت "على الأغلب أول يوم رمضان بتكون المقلوبة متصدرة الجلسة، وفي الايام اللاحقة من الشهر نبدأ بصنع الأصناف المختلفة، وانتهاء بالمعجنات لأنه الصائم تعود على المأكولات الدسمة وفي آخر أيام الشهر الفضيل نكتفي بالمأكولات الخفيفة ".