رام الله - الاقتصادي - الغد الاردني - يصارع مزارعو وادي الأردن بين "الأمني" و"المعيشي"، عدوا جديدا يضاف إلى سلسلة أعدائهم التي تتكاثر يوميا وتزيدهم إرهاقا، ومنها موجات الصقيع، وارتفاع أسعار كلف الإنتاج، أما العدو الجديد، وإن كان قديما بعض الشيء، لكنه أصبح أشد خطورة حاليا، ويتمثل بالخنازير البرية الإسرائيلية.
فمن جهة، ماتزال تبعات قرار الجهات الأمنية والحكومية، الذي صدر قبل عام تقريبا، بحظر صيد تلك الخنازير في المنطقة الزورية باعتبارها "منطقة عسكرية"، أو قتلها بالسموم، تشكل تهديدا حقيقيا لمزارع أردنية ملاصقة لنهر الأردن. ومن جهة أخرى، تسبب قرارا المنع "الرسمي"، في ازدياد أعداد هذه الخنازير في تلك المناطق، علما أن أن تلك الخنازير تجتاز النهر قادمة من الأراضي المحتلة، لسببين، أولهما الهرب من النيران التي اعتادت السلطات الإسرائيلية إضرامها على الشريط الحدودي لأسباب أمنية، وثانيهما البحث عن الطعام.
وفي ظل "عجز حكومي" عن مخاطبة الجانب الإسرائيلي لإيقاف إضرام النيران، باتت المشكلة تتفاقم، دون إيجاد حلول جذرية لها، كون هذه الحيوانات تهدد مزارع أردنية، ويكاد يكون التنسيق بين الجانبين معدوما، على خلاف ما حدث إبان أزمة وباء إنفلونزا الخنازيز، قبل أعوام مضت.
ومع استمرار إضرام النيران في المنطقة الحدودية، أصبحت غالبية الحيوانات البرية في المنطقة الشرقية، تجد ملاذا طبيعيا آمنا لها في الأراضي الأردنية، خاصة وأن حواف النهر وضفافه تشكل غابة طبيعية. ويشكو المزارعون من أن قطعان الخنازير تدمر في الهجمة الواحدة مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية، خصوصا وأن أعدادها في القطيع الواحد، تتجاوز في بعض الأحيان 70 خنزيرا، حيث تلجأ هذه القطعان إلى تدمير المزروعات وتكسير الأشجار وتمزيق البلاستيك الزراعي وأنابيب الري وحفر الأرض، بحثا عن الديدان، وفق احاديث مزارعين لـ"الغد".
وفي ظل اصطدام المزارعين بقرارات منع الصيد، فقد وجدوا أنفسهم مضطرين لاتخاذ سبل مكلفة للحد من هجمات الخنازير، كبناء الأسوار أو وضع الأسلاك الشائكة، على الرغم من تكلفتها العالية، فيما لجأ بعضهم إلى "أساليب غير قانونية لحل مشكلتهم"، وفقهم. ورصدت "الغد" بعض الأساليب التي اضطر المزارعون لاستخدامها، للحد من هجمات الخنازير، كاستخدام الأسلاك المكهربة، والتي قد تقتل أي حيوان يلمسها دون تفريق بين خنزير وغيره، ما قد يلحق أضرارا جسيمة بالحياة البرية في المنطقة.
كما رصدت استخدام بعضهم للسموم، ضاربين قرار وزارة الزراعة عرض الحائط، في حين يلجأ بعضهم إلى استخدام أسلحتهم النارية والبيضاء، معتبرين أن من حقهم الدفاع عن أنفسهم وعن مزارعهم.
ويبين أحد الصيادين الذين التقتهم "الغد"، وفضل عدم ذكر اسمه، أن منع الصيد يتخذ "لأول مرة، في المناطق الزورية، من خلال الامتناع عن إعطاء تصاريح الصيد للصيادين"، مبينا أنه "ومنذ العام 1948، وأنا اصطاد الخنازير في المنطقة"، وأنه وغيري من الصيادين "مستعدون للصيد حتى ولو من باب المكافحة".
ويؤكد الصياد ذاته أن "الأعوام الماضية كانت تشهد تعاونا كاملا بين الصيادين والمزارعين وجمعية حماية الطبيعة، للقضاء على الخنازير البرية، إذ يتم اصطيادها والاستفادة منها"، موضحا أن "تبرير الجهات الرسمية بأن الصيد غير مسموح في المنطقة لدواع أمنية، غير مقنع، لأن أعمال الصيد استمرت في المنطقة على مدى عشرات السنوات، حتى قبل اتفاقية السلام".