غزة – وكالة نبأ الاخبارية - نجحت طالبة جامعية في غزة في ابتكار جهاز طبي تقول إنه "قادرُ على التخفيف من آثار مرض التوحد لدى الأطفال ويمنحهم فرصةً للتأهيل في المجتمع".
وتعتقد الطالبة ريم البطش (22 عامًا) أن ابتكارها هذا يمكن أن يُحدث تأثيرًا فعالاً على الأطفال الذين يعانون التوحد، بالتزامن مع اتباع نظامٍ غذائي مناسب لنحو سبعة أشهر.
والتوحد هو اضطراب في النمو العصبي للطفل يظهر تدريجيًا بعد عمر ستة أشهر، ويثبت في عمر سنتين أو ثلاث، من أعراضه ضعف التفاعل والتواصل الاجتماعي للطفل، ويعد ثالث أكبر مرض يصيب الأطفال في العالم.
ويقول العلماء إن أطفال مرض التوحد يعانون من تشكل مادة الأفيون المخدرة في أجساد أولئك الأطفال؛ مما يجعلهم أكثر خمولاً ويُصابون بفقدان التركيز والإدراك بشكل مستمر. كما يُعاني أطفال مرضى التوحد من عُسر في الهضم نتيجة تشكل تلك المادة المُخدرة في دمائهم.
الابتكار الآلي الخاص بالطالبة البطش والذي أطلقت عليه "Darling river" يعمل على تنظيم المواد الغذائية المناسبة للطفل؛ لإزالة تراكم السموم ومادة الأفيون من أجساد الأطفال المصابين؛ ليندمج الطفل مع أقرانه تدريجيًا ويزداد تفاعله مع بيئته المحيطة.
وتقول ريم، الطالبة في جامعة القدس المفتوحة بغزة في حديثها لـ"صفا" إنه يمكن لأم الطفل المصاب أخذ عيِنة من بوْل طفلها وفحصه على الجهاز؛ فيما تعطي الشاشة مؤشرًا من خمس خانات تبين كلاً منها نِسب العناصر الغذائية الموجودة في تلك العينة.
وتشير إلى أن مؤشرات الأرقام التي يوفرها الجهاز يتم إدخالها عبر تطبيق خاصٍ بالهواتف النقالة العاملة بأنظمة تشغيل "أندرويد" لتعالج تلك البيانات الرقمية وتعطي مؤشرًا حقيقيًا عن نسب العناصر الغذائية المعدنية المتواجدة بأجساد أطفال التوحد وتوصي بزيادة أو نقصان تلك المواد بشكل صحي.
وتشير الطالبة إلى أن نجاح ابتكارها استغرق عامين بعد أن تمت تجربته على خمسة أطفال مصابين بالتوحد؛ لينتهي بأن التغذية السليمة للطفل المتوحد تساعده في التخلص من السموم في جسده، ويمنحه قدرًا أكبر من التركيز وتعزيز الإدراك لديه.
ويتكون "دارلينغ ريفر" أو "نهر دارلينغ" من لوحتين إلكترونيتين وصمامات ميكانيكية ومادتين كيميائيتين بداخل الجهاز لتحليل عينة بول الطفل المراد فحصه.
وتعود تسمية الجهاز إلى نهر في أستراليا دائم الجفاف ولا يمكن له ري ضفافه إلا بهطول المطر. وهكذا فإن ابتكار ريم "لن يعمل بشكلٍ صحيح إلاَ إذا أعطى أرقامًا صحيحة لتغذية الطفل بشكل سليم".
ولادة الفكرة
وتلفت البطش إلى أن فكرة ابتكارها جاءت من بحث أجرته والدتها عن أطفال مصابين بالتوحد لنيْل درجة الدكتوراه، وخلال جولات ريم مع والدتها إلى أحد المراكز الصحية لاحظت أن الأساليب المستخدمة في تلك المراكز تقليدية وتستغرق وقتاً كثيرًا.
وتقول الطالبة البطش: إن الأطفال في تلك المراكز يخضعون لبرنامجٍ إرشادي يستمر لنحو 5 سنوات لتأهيله نحو الاندماج في المجتمع".
وتضيف: "بعض الأمهات توقفت عن إرسال أطفالهن المتوحدين إلى المراكز العلاجية بعد إتباع نمطٍ غذائي معين لوحظ من خلاله تحسن حالة الطفل لنحو 80%".
كشف مبكر
ويقول مدير البرامج التأهيلية في جمعية "الحق في الحياة لأطفال مرضى التوحد" نبيل جنيد إن الجهاز يعالج فقدان خاصية التركيز لدى الأطفال بصورة كبيرة؛ لأنه يعمل على تخفيف من حدة المواد السامة الموجودة في أجسادهم.
ويضيف أن زيادة نسبة عناصر الزنك والبوتاسيوم والنحاس تؤثر سلبًا على سلوك الأطفال المتوحدين؛ "لكن الكشف المبكر عن هذه المواد يجنب أطفال التوحد مزيدًا من التدهور على حالاتهم الصحية".
ويتفق مع ذلك المختص في شؤون الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات صبري صيدم أن هذا الجهاز سيحدث فارقًا نوعيًا؛ "لأنه سيجعل الأطفال أكثر فعالية مع المجتمع من خلال القضاء على المواد السامة في الجسم".
ويؤكد صيدم وفق ما نشرته وكالة صفا المحلية، أنه في حال اعتماد هذا الابتكار فإنه يجب أن يسجل براءة اختراع للشابة البطش، داعيًا إلى ترويجه ليصل إلى درجة العالمية.