على مدار أسبوع كامل، يحاول الموظف محمود حمد "43 عاما" مقاومة الضغط النفسي الذي نجم عن الارتفاع الجنوني بأسعار السجائر بقطاع غزة، محاولاً إقناع نفسه بالإقلاع عن التدخين، ولكن كافة المحاولات فشلت فازدادت الأمور سوءاً مع تدهور الوضع الاقتصادي وضعف سلم الرواتب لدى الكثير من مواطني القطاع.

فالإرتفاع الغير مسبوق في أسعار التبغ المستورد في أعقاب تضاعف الضرائب التي تفرضها حكومة حماس بغزة، دفع الكثيرين للتفكير في الإقلاع عنه، أو التوجه إلى الدخان العربي "الشامي" في حال لم ينجحوا في اختبار الإقلاع، فالظروف المعيشية والاجتماعية والضغط النفسي يعلنهما المواطنون في قطاع غزة كمبررات للفشل في وقف التدخين.

فالمواطن حمد والذي يتقاضى راتبا مقطوعا باحدى المؤسسات الإعلامية أكد لمراسل الحياة الجديدة: "أن قرار التخلي عن التدخين ليس سهلا في ظل الأوضاع التي نعيشها، منوها إلى أنه كان سابقا يقوم بتدخين علبة سجائر من نوع ألـ م LM يوميا بثمن 19 شيقلا ولكن الآن تخطى ثمنها الـ27 شيقلا الأمر الذي دفعه للشراء بطريقة "النفل" حيث انخفض استهلاكه لعشرة سجائر يوميا".

واتهم حمد التجار بالتلاعب في أسعار السجائر مؤكدا أن أسعارها تختلف من مدينة إلى أخرى في ظل غياب أي دور للجهات الرقابية في غزة للحد من هذا الارتفاع، مؤكدا أن بعض المواطنين توجهوا للدخان الشامي والذي يبلغ ثمن العلبة منه ما يقارب الـ7 شواقل في محاولة للتخفيف من وطأة الغلاء الفاحش بأسعار الدخان".

وتشير مصادر للحياة الجديدة إلى أن الضريبة التي فرضتها حكومة حماس وماليتها في غزة على الدخان قاربت لـ6.5 شيقل على كل علبة سجائر وليس كما تم الإعلان عنه بداية العام الحالي بأن الرفع سيكون فقط خمسة شواقل مؤكدة أن المساعي لرفع إيرادات خزينة حماس بغزة كان أهم الأسباب التي دفعت لرفع الضريبة على الدخان.

ويقول أحد التجار لمراسلنا أن الغلاء وتلاعب الموردين بالأسعار أدى لعزوف كثير من المواطنين عن شراء السجائر وانخفض معدل البيع لأكثر من النصف فيما ازدهرت تجارة "النفل" والدخان العربي "الشامي" مؤكدا أن الأسعار ما تزال تتأرجح حيث بلغت علبة الرويال 25 شيقلا وكانت سابقا تباع بـ11 شيقلا اما المالبورو فبلغت الواحدة منه لـ29 شيقلا وكانت تباع بـ20 شيقلا ويباع المانشيستر بـ17 شيقلا وهو من أرخص أنواع الدخان وأقلها جودة حيث يبلغ ثمنه في مصر شيقل واحد.

واشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام السابقة بقضية ارتفاع اسعار السجائر، وسخر العشرات من النشطاء من الأسعار بصور وبوستات متنوعة متنذرين بسوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي يعيشها المواطن الغزي ومتسائلين: "كل شيء في غزة ضربه الغلاء بسبب ضرائب حماس فما الغريب أن يصل الأمر للسجائر والدخان، فلا عجب من ذلك".

وقال الشاب أبو المجد أبو عيدة ساخراً: "خذوا المناصب، خذوا المكاسب، خذوا الكراسي، بس اتركوا الدخان في حالو" فيما علقت أماني رباح قائلة: "ارتفاع اسعار السجائر في غزة نتيجة الضرائب التي فرضت مؤخرا لن تكون سببا للإقلاع عن التدخين، وسيلجأ المدخن لتقليل من قوت أبنائه ولن تجد الأم ما تطبخ، وسيلجأ المدخن لإخراج ابنه من الجامعة ولن يجد طفله في الصباح مصروفا لمدرسته، بعدها الأم ستطلق، والابن سينحرف وينضم إلى مجموعات عمالة الأطفال، وابنه الآخر سيصبح مدمنا إن لم يكن عميلا للاحتلال، فتفكك المجتمع يبدأ من تفكك الأسرة الذي تكون سببه الحكومة، قصدي الاحتلال".

واشتهرت عدد من الفيديوهات الساخرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي لظاهرة غلاء السجائر وكان أشهرها ما قدمه الفنان مؤمن شويخ في مشهد كوميدي لمجموعة من الشباب يقومون بتقاسم سيجارة واحدة ليكون نصيب كل واحد منهم جزء منها فيما لا يحظى الأخير سوى بالقليل فيقوم بتناول السيجارة كالطعام".

ونصح الناشط لؤي في بوست عبر صفحته بالفيسبوك المواطنين في القطاع التوجه إلى الدخان الشامي فيما أعلن المواطن عبد المعطي عبد ربه ساخرا عن سيجارة من نوع "رويال" مستعملة وبحالة جيدة للبيع ولمن أراد الشراء مؤكدا أن ثمنها يبلغ فقط شيقلا واحدا فقط.

نقلا عن الحياة الجديدة