لرحلة الموت، كما يصفها العامل "علي" (20 عاما)، يستعد. يرتب أغراضه في حقيبة يحملها على ظهره، يودع عائلته، وكأنه: يكتب وصيته. يخرج منذ طلوع الفجر إلى الظاهرية أقصى جنوب الضفة الغربية، أول محطة في رحلته للعمل داخل الخط الأخضر بدون تصريح أو ما يسمونه " تهريب".
طول مسافة الطريق الوعرة، مشاعر: الخوف والذعر والاشتياق للاحباب بداخله ومن معه من عمال ترافقهم حتى يصلوا إلى أماكن عملهم، إضافة إلى نظرات عيونهم التي تتعب لعدم هدوئها؛ خشية من وجود قوات للاحتلال قد تعتقلهم أو تطلق النار عليهم خلال الطريق، يصف علي حاله والعمال خلال "رحلة الموت".
النقل بسيارات مشطوبة
بسرعة جنونية، ينتقل العمال بسيارات السائقين المشطوبة لقاء 100 شيقل للفرد، عبر طريق "اللفة" للهروب من مطاردة قوات الاحتلال الذي تراقبه بشكل دوري عبر مركباتها العسكرية.
عند سؤال أحد السائقين، رفض الكشف عن اسمه، عن سبب هذه المخاطرة أشار إلى أنه يخاطر بنفسه أيضا بسبب حاجتهم إلى لقمة العيش كما العمال أيضا
36٪ من العمالة بدون تصاريح
وحسب معطيات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، بلغ عدد العاملين من الضفة الغربية في اسرائيل والمستوطنات 115,200 عامل في الربع الرابع 2015 مقابل 113,200 عامل في الربع الثالث 2015. وتوزع عدد العاملين في اسرائيل والمستوطنات حسب حيازتهم للتصريح في الربع الرابع 2015 بواقع 68,100 عامل لديهم تصاريح عمل، 33,400 عامل بدون تصاريح عمل، 13,700 عامل يحملون وثيقة اسرائيلية أو جواز سفر أجنبي.
بدوره، أفاد تقرير لبنك إسرائيل المركزي عام 2015 أن العمالة الفلسطينية التي لا تحمل تصاريح ازدادت في السنوات الأربع الأخيرة بنسبة كبيرة تزامنا مع ارتفاع نسبة البطالة في السوق الفلسطيني.
ولم تختلف تقديرات بنك إسرائيل عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، أن عدد العمال دون تصريح يبلغ حوالي 33 ألف عامل. وبحسب تقرير بنك إسرائيل فإن متوسط أجور العاملين الذين لا يحملون تصاريح عمل لا تتجاوز 160 شيقلا.
ظاهرة لا يمكن ضبطها
وزارة العمل الفلسطينية وقانون العمل لا يملكان أي صلاحية للتدخل في العمال الفلسطينيين في إسرائيل بما فيهم عمال "التهريب"، ولا يمكنهم السيطرة او ضبط عمليات تهريب العمال، حسب مأمون عودة مدير دائرة عمل الأحداث بالوزارة.
وأضاف: أن القانون الإسرائيلي أيضا لا يكفل هؤلاء العمال بدعوى أنهم "غير قانونيين" أي لا يملكون تصاريح عمل للدخول إلى أماكن عملهم في إسرائيل.
وأشار عودة إلى أن الوزارة بصدد رفع مذكرة لدى رئاسة الوزراء لضبط ووقف عمل الأطفال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر واستغلالهم للعمل بالدعارة أو التسول أو الإسقاط نظرا لقلة وعيهم الأمني.
أما بالنسبة للأفراد البالغين فإن وزارة العمل لا يمكنها أن تضبط ظاهرة تهريبهم لأنهم يذهبون بمحض إرادتهم وعلى مسؤوليتهم الخاصة.
حتى أن وزارة العمل لا تمتلك إحصاءات حول أعداد الوفيات أو الإصابات أو الاعتقالات في صفوف هؤلاء العمال، وإنما تكتفي برصد العمال الذين يتوفون في ورشات العمل.
ظروف صعبة
وفقا لما أفاد به فاروق الهيموني من الاتحاد العام للعمال ـ فرع الخليل، فإن العمال الذين لا يملكون تصاريح يقعون في دائرة العمل غير المنظم ضمن ظروف بعيدة عن السلامة المهنية والحقوق العمالية وبعيدا عن الحماية القانونية سواء من القانون الإسرائيلي أو الفلسطيني.
وأكد الهيموني أن الظروف التي يعيشها عمال "التهريب" صعبة جدا من ناحية استغلال المشغل الإسرائيلي لحاجة العامل فلا يطبق عليهم الحد الأدنى للأجور الاسرائيلي (5000 شيقل ) ولا ساعات العمل ولا تأمين صحي أو أي تعويض.
يدرك العامل الفلسطيني " المُهرّب" أن القانون الفلسطيني لا يشمله والقانون الإسرائيلي لن يكفله لكونه"عامل غير قانوني"، لكنه يصر على العمل لأنه لا يجد بديلا لذلك خاصة مع تردي الاوضاع الاقتصادية وازدياد نسب معدل البطالة. وبلغ معدل البطالة في فلسطين 25.8% ، بواقع 16.3% في الضفة الغربية و41.6% في قطاع غزة.
عن "بوابة اقتصاد فلسطين"
الكاتبة انصار طميزة