العائلة دالة المهنة .. هكذا في صناعة الفخار، إذ يتوارث العاملون فيها، معا، اسم العائلة والمهنة من الآباء والأجداد، كما عائلتي "الفاخوري" في الخليل جنوبا وجنين شمالا . فحيثما وجدت عائلة بهذا الاسم وجدت هذه الصناعة.
للحرف اليدوية التقليدية الفلسطينية، عموما، مكانة مهمة ومردود ثقافي واقتصادي، وصناعة الفخار واحدة من أقدم الصناعات التي عرفها الانسان، والتي عرفت طريقها الى فلسطين منذ آلاف السنين، إلا أن الفخار الفلسطيني يواجه تحديات حقيقية في التسويق محليا وخارجيا، تشكل تهديدا لصناعة تكاد تكون الأقدم، وتعاقبت على أجيال.
نضال الفاخوري (42 عاما)، كان في التاسعة عندما بدأ العمل في صناعة الفخار، في مصنع خزف الشرق اليدوي، بالقرب من الحرم الابراهيمي، في البلدة القديمة في الخليل، وهي حرفة تعود الى أكثر من 60 عاما في عائلته التي عرفت باسم هذه الحرفة، وتعاقبت عليها أربعة اجيال.
"صناعة الفخار في الخليل عاشت سنوات من النجاح، حيث كانت تصل مبيعات المحل الواحد ألف شيقل يوميا، إلا أن الأحداث السياسية ألقت بظلالها على هذه الصناعة كما على القطاعات الاقتصادية الأخرى"، قال الفاخوري، معتبرا ان العام 1993 وما تلاه من وقائع، فرضت فيها اسرائيل عدة اجراءات وأغلقت فيها مئات المحال في البلدة القديمة، تسببت في تراجع المبيعات، ونتج ذلك بشكل أساسي عن تراجع أعداد السياح والمواطنين الزائرين للبلدة القديمة، وحاليا، تكاد المبيعات تقترب من الصفر في كثير من الأيام.
وقال الفاخوري: يتعرض أصحاب المحال والورش لتنغيص يومي من المستوطنين وجنود الاحتلال، الذين يمنعون دخول البضائع الا حملا بالأيدي، وبعد اجراء التفتيش للبضائع الداخلة والخارجة من البلدة القديمة، ما يتسبب في كثير من الأحيان بتكسير البضائع وحرق للورش والاعتداء في محاولة اسرائيلية لدفع أهالي البلدة القديمة الى مغادرتها.
وأوضح ان المصنع ينتج يوميا عشرات الأشكال مختلفة الاستخدامات، المصنوعة من الطين المستورد من اسبانيا، والذي يبلغ سعر الطن منه 2800 شيقل والذي يستورده بسبب لونه "القرميدي" الذي يفضله المستوردون من الخارج، مشيرا الى ان الطين يوضع بعد تشكيله في أفران تصنع محليا بدرجة حرارة تصل الى 1200 درجة مئوية.
ولفت الى اشكالية التسويق وتصريف المنتجات التي يعاني منها القطاع الى خارج فلسطين، موضحا انه يعتمد في تسويق منتجاته على الطلبيات للمحال في المحافظات وداخل الخط الأخضر.
من جانبه، قال رئيس تجمع الحرف التراثية بدر الداعور، إن الخليل مهد الحرف التراثية، خصوصا الفخار والخزف والزجاج، مشيرا الى 26 ورشة يعمل بها أكثر من 82 عاملا تختص في صناعة الفخار في فلسطين.
وأضاف، إن صناعة الفخار تواجه مشكلة التسويق الى الخارج، وحتى الى باقي المحافظات، حيث ان غالبية صناعة الفخار في الخليل، وهناك ورشة واحدة في جبع حنوب جنين ، مشيرا الى ان الورش تنتج من 16 الى 18 منتجا شهريا، بأكثر من 22 ألف شيقل تتكدس في الورش ولا يباع منها الا القليل.
واعتبر أن صعوبة نقل الفخار وتكلفة النقل والتصدير العالية، والتي تفوق كلفة الانتاج، تشكل أهم العقبات التي تواجه صناعة الفخار، بالإضافة الى حجم الانتاج الكبير الذي يفوق قدرة استيعاب السوق.
ويصنع حوالي 90% من الفخار من صلصال الخليل الذي يصل الى الفخارين هناك بالمجان، و10% فقط من الطين يستورد من هولندا واسبانيا.
ولفت الداعور الى ان التجمع قام بإعداد دورات حرفية لتطوير أشكال الفخار، وتصنيع أوان متعددة الاستخدام، غير أنه أشار الى قصور لدى مصنعي الفخار في انتاج أوان تتناسب مع احتياجات المواطنين والتطور الحاصل في الأشكال والاستخدامات، داعيا الى ضرورة الاستفادة من التوجه في أوروبا للعودة الى استخدام الفخار كبديل عن أوان الطهي والعودة للأواني الفخارية المصنعة بالطرق البدائية.
وتابع: ان التجمع يشارك بالمنتجات في المعارض الدولية السنوية، التي تساهم في زيادة البيع، مؤكدا على ان المنتج الفلسطيني من الفخار يعتبر "منتجا في غاية الروعة، ويلاقي استحسان الناس محليا ودوليا ويترك بصمة ايجابية عن فلسطين".
وأشاد بالدور الداعم لوزارة الاقتصاد الوطني والضابطة الجمركية، التي منحت الفخارين الساكنين في البلدة القديمة إعفاء جمركيا منذ العام 2015 قابل للتجديد.
نقلا عن وفا