أظهرت دراسة بريطانية جديدة أن السلّة الغذائية في فلسطين هي الأغلى سعراً بدول الشرق الاوسط مقارنة بالدخل الشهري، حيث تصل فيها تكلفة الأطعمة الاساسية لأربعة أفراد إلى 86.9% من الراتب الشهري.
وبين مدير عام السياسات الاقتصادية في وزارة الاقتصاد عزمي عبد الرحمن لـ معا أن السبب الرئيسي وراء ارتفاع هذه النسبة هو الاحتلال الاسرائيلي والضرائب، "نحن دولة تختلف عن باقي الدول الأخرى، فنحن نعيش تحت الاحتلال ومجريات الحياة الاقتصادية مسيطر عليها بالكامل".
وأوضح من خلال النسب بمقارنة رقمية بين الناتج المحلي والدخل الشهري في فلسطين وما يقابله في إسرائيل، التفاوت الكبير، حيث أن متوسط دخل الفرد الفلسطيني أقل من 2000 دولار بالسنة، في حين الفرد الإسرائيلي يزيد عن 35 الف دولار سنوياً، وتتمتع إسرائيل بدخل عال، فالإنتاج المحلي الاجمالي يفوق 220 مليار دولار سنوياً، بالمقابل في فلسطين يبلغ أقل من 10 مليارات دولار.
وأشار عبد الرحمن إلى أن الحد الادنى للأجور في فلسطين بلغ 1450 شيقلا، في حين بلغ بإسرائيل حوالي 5 ألاف شيقل، ورغم ذلك يتحمل المواطن الفلسطيني نفس التكاليف والأعباء التي يتحملها الفرد الإسرائيلي لصالح السلة الغذائية من دخله الشهري، وبالنسبة لمتوسط الاسعار مقارنة مع دخل الاسرائيلي فهي عادية على عكس الفلسطيني فتكون عالية.
الاتجاه العام للرقم القياسي لأسعار المستهلك في فلسطين منذ العام 2006 وحتى نهاية العام 2015
وبحسب الاحصاء الفلسطيني فأن مؤشر غلاء المعيشة في فلسطين للعام 2015 ارتفع، حيث سجل الرقم القياسي لأسعار المستهلك ارتفاعاً بنسبة 1.43% خلال العام 2015 مقارنة مع العام 2014، بواقع 1.77% في قطاع غزة، وبنسبة 1.29% في الضفة الغربية، وبنسبة 0.33% في القدس.
فلسطين.. الاستيراد يفوق الانتاج
وقال عبد الرحمن لـ معا: نحن دولة نستورد أكثر من ما ننتج، فحجم المنتج الوطني بالسوق الفلسطيني لا يتعدى 18% تقريباً، وبالتالي التضخم أو الارتفاع بالأسعار ليس وليد اللحظة وان تراكمات الاحتلال الإسرائيلي السابقة التي اوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم اوجدت عندنا قطاعات اقتصادية ضعيفة جداً، وورثنا اشكاليات اقتصادية سيئة جداً.
وفحصت الدراسة البريطانية ما هي تكلفة أطعمة الأسرة التي تتألف من أربعة أفراد في أنحاء العالم. وفحصت قائمة يومية تشمل منتجات أساسية مثل الخبز، الأرز، الفواكه والخضار، اللحوم من أنواع مختلفة ومنتجات الألبان، وجرت مقارنة سعر تلك المنتجات تماما في عدة بلدان، وفُحصت العلاقة بين تكلفة المنتجات الغذائية ومتوسط الأجور بالدولة.
وذكر عبد الرحمن أن إسرائيل ما زالت تسيطر على كل مجريات الحياة الاقتصادية، وبلغ حجم الصادرات الفلسطينية أقل من مليار دولار، في حين يزيد بإسرائيل عن 110 مليار دولار في السنة.
تأثير اسعار مدخلات الانتاج على ثمن السلع
وأكد أن السبب في ارتفاع اسعار السلع أن مدخلات الانتاج للقطاعات الانتاجية يتم استيرادها من الخارج عبر الوكلاء الإسرائيليين بنسبة 90%، لافتاً إلى أن القطاع الزراعي على سبيل المثال مساهمته في الانتاج المحلي الاجمالي ضعيفة جداً اليوم فتبلغ 4% بعد أن وصلت سابقاً إلى 17%.
وأوعز السبب بذلك إلى سيطرة إسرائيل على المعابر والحدود، وبالتالي ارتفاع سعر مدخلات الانتاج، الأمر الذي حد من منافسة السلع، ومنع وصولها إلى الاسواق الخارجية.
وعندما فحصت الدراسة البريطانية دول الشرق الأوسط، اكتشفت أن الدولة التي كانت السلّة الغذائية فيها هي الأغلى سعرا مقارنة بالدخل الشهري هي فلسطين، وبعدها مباشرة تأتي المغرب، حيث تصل فيها تكلفة الأطعمة لأربعة أفراد إلى 86.4% من الراتب الشهري.
دراسة واقعية تنسجم مع الحال الفلسطيني
من جانبه، رئيس جمعية حماية المستهلك الفلسطيني صلاح هنية، قال لـ معا إن الدراسة البريطانية واقعية فيما عرضته حول ارتفاع ثمن السلة الغذائية في فلسطين، وتنسجم مع الوضع الحالي.
وأشار إلى أنه بالمجمل اسعار السلع الاساسية مرتفعة بفلسطين وتتجه نحو الزيادة، ومؤشرات الاحصاء الفلسطيني تحدثت عن ارتفاع بنسبة 14 % في العام 2015 بفارق 4% عن العام 2014.
وأضاف هنية أن ارتفاع سعر المواد الغذائية الاساسية رفع مساهمة الدخل الشهري بالسلة الغذائية من خلال زيادة انفاق المواطن الفلسطيني.
حلول مقترحة
ويرى رئيس جمعية حماية المستهلك أن الحل لتخفيض هذه النسبة المرتفعة يتمثل بوجوب أن يكون هناك تدخل حكومي للتأثير على الاسعار، فحالياً سعر البترول على سبيل التوضيح انخفض عالمياً وهو ما لم ينعكس على المواطن الفلسطيني بتخفيض سعر المحروقات والمواصلات والكهرباء حتى اليوم.
وتابع لـ معا: يجب أن تدعم وتزيد الحكومة المنافسة في السوق والعمل على تعدد مصادر السلع والخدمات وعدم احتكارها بيد واحدة، ويجب أن يكون هناك عملية استيراد مباشر، وأيضاً تخفيض الضرائب عن مدخلات الانتاج.
وكان الدراسة قد أشارت إلى انه في تونس بلغت تكلفة السلّة الغذائية 42.5% من الدخل، وفي مصر 33.5% وفي الأردن 31.7%. في الجزائر وصل المبلغ إلى 17.4% من الدخل الشهري، وفي إسرائيل بلغ سعر السلّة الغذائية للأسرة التي تتألف من 4 أفراد 12.4% من الدخل الشهري (وهو الأكثر قربا من بريطانيا، حيث بلغت التكلفة هناك 12.3%).
ويبلغ عدد الفلسطينيين، وفق أرقام الإحصاء الفلسطيني، 4.68 مليون نسمة، موزعين ما بين 2.88 مليون نسمة في الضفة المحتلة، و1.8 مليون نسمة في قطاع غزة.
وبشكل غير مفاجئ، فإنّ الدول الأكثر جدارة للعيش فيها هي دول الخليج. البحرين 10.9%، عُمان 8.9%، السعودية 6.7%، والدولة التي كانت السلّة الغذائية فيها هي الأقلّ تكلفة في العالم مقارنة بالراتب الشهري هي قطر، فقد بلغت 2.6%.
نقلا عن "معا"