رائد محمد حلس
يعمل الاقتصاد الفلسطيني في ظل بيئة تشتمل على العديد من المخاطر والتحديات, وتأخذ التحديات أشكالاً عدة, منها الاحتلال الإسرائيلي والقيود المتعددة التي يفرضها الاحتلال عبر السنوات على التجارة الفلسطينية (الإغلاقات الداخلية والخارجية) وعلى حرية التنقل والنفاذ (العمالة الفلسطينية في إسرائيل, والنمو ومستوى الطلب في الاقتصاد الإسرائيلي كون إسرائيل الشريك التجاري الرئيس للاقتصاد الفلسطيني), والتذبذب في تدفق المساعدات الخارجية, وأبرز هذه التحديات نظام مالي متعدد العملات يعتمد على سياسة نقدية تنفذ من قبل الولايات المتحدة الأمريكية والأردن وإسرائيل, وسعر صرف العملة الإسرائيلية, وذلك بسبب عدم وجود عملة فلسطينية, حيث يتعامل الفلسطينيون بثلاث عملات رئيسية ( شيكل, دولار, دينار) الأمر الذي يفقد هذه العملات الكثير من قيمتها في ضوء أسعار صرفها.
حيث شهد الدولار الأمريكي خلال الأسبوعيين الماضيين ارتفاعاً ملحوظاً مقابل الشيكل وصل السعر في القيمة السوقية 3.88 -3.97 شيكل , ويعود ارتفاع الدولار إلى أسباب تتعلق بتحسن المؤشرات الاقتصادية الأمريكية وتصريحات المسئولين في البنك الفدرالي الأمريكي حول احتمالية رفع سعر الفائدة على عملة الدولار , أما انخفاض الشيكل أمام الدولار يعود إلى انخفاض معدل النمو في إسرائيل نهاية عام 2015, وانخفاض حجم الصادرات إلى التحاد الأوروبي التي تأثرت بفعل تنامي حملات المقاطعة الأوروبية للمنتجات الإسرائيلية ومنتجات المستوطنات وقرار الاتحاد الأوروبي بوسم منتجات المستوطنات, بالإضافة إلى الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها إسرائيل نتيجة الهبة الجماهيرية في الأراضي الفلسطينية, حيث تكبد الاقتصاد الإسرائيلي خسارة كبيرة في الدخل القومي وزيادة في ميزانية الجيش وانخفاض حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة وانخفاض دخل الحكومة من الضرائب.
من المتوقع استمرار ارتفاع الدولار أمام الشيكل في الفترة القادمة قد يصل إلى أربعة شواكل أو أكثر من ذلك لاحقاً بناءاً على المتغيرات الاقتصادية, ونتيجة لهذا الارتفاع من الطبيعي أن يتضرر الاقتصاد الفلسطيني بسبب عدم اعتماده على الصادرات نظراً للقيود الإسرائيلية المفروضة عليه, بل يعتمد على الواردات, وبالتالي سيشهد على إثر هذا الارتفاع, ارتفاع تلقائي لأسعار السلع المستوردة من الخارج، الأمر الذي ينعكس سلبًا على القدرة الشرائية للمواطنين، حيث أن معظم السلع الواردة يتم التعامل معها بالدولار قبل بيعها للمستهلكين بعملة الشيكل.
هناك ضرر أكبر سيصيب شريحة واسعة من المواطنين وهم الموظفون الذين يتلقون رواتبهم بالشيكل, إذ أن معظم الموظفين ملتزمين بسداد القروض إلى البنوك, والتي تقوم باستقطاع القروض من الموظفين بعملة الدولار وبسعر أعلى من السوق وأيضاً أعلى من سعر سلطة النقد الفلسطينية.
رائد محمد حلس
باحث ومحلل اقتصادي - غزة