وصل تجار غزيّون وأصحاب شركات إلى مرحلة الخوف من إغلاق أبواب محالهم التجارية بسبب شح الأخشاب، ومستلزمات صناعة الأثاث في القطاع، بعد منع السلطات الإسرائيلية إدخال الأنواع المطلوبة "ذات الجودة العالية" من الخشب، سيّما الأصناف التي يزيد سمكها عن (2.5) سنتيميتراً.
ويقول نجارون إن منع إدخال الأخشاب إلى قطاع غزة، خاصة تلك التي تزيد سماكتها عن (2.5) سنتيميراً، بالإضافة إلى مادة الغراء (مادة لاصقة)، ومنشّفات الدهان (التي تعتبر من مكملات صناعة الأثاث)، وضعت قطاع الصناعات الخشبية والأثاث بغزة في حالة شلل تام.
وحظرت إسرائيل، نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إدخال الأخشاب التي يزيد سُمكها عن (2.5) سم إلى قطاع غزة، لأسباب مرتبطة بإمكانية استخدامها في غير أهدافها الرئيسية، حسب الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية.
ويوضح الحرفي علام اليازجي (43 عاما)، صاحب منجرة لصناعة الأثاث بغزة، أن مهنته تأثرت بشكل سلبي جراء حظر إدخال الأخشاب، خاصة السميكة منها، مشيراً أن أعمال المنجرة، التي يملكها، تقلصت إلى نحو 50%.
"الأخشاب الركيكة التي يقل سمكها عن 2 سم، متوفرة بالأسواق المحلية، لكنها للأسف غير صالحة للاستخدام في العديد من الصناعات الإنشائية والأثاث المنزلي"، بحسب اليازجي.
واضطر صاحب المنجرة مجبراً، إلى الاستغناء عن خمسة عمال لديه من أصل سبعة، لعدم وجود قوة إنتاجية، ناجم عن عدم توفر المواد الأولية كالأخشاب وبعض مستلزمات النجارة، بسبب منع استيرادها.
ومنذ عام 2007، بدأت إسرائيل تدريجياً بمنع إدخال العديد من المنتجات المستخدمة في الصناعات الإنشائية والصناعية إلى قطاع غزة، بحجة أنها تستخدم في غير الأهداف التي أدخلت لأجلها.
ويرى صاحب المنجرة، أن الاستغناء عن خمسة من عماله، لم يضرهم فقط، بل إنه أوقف الدخل عن خمس عائلات، كان يتخذ أربابها من هذه المهنة مصدر دخل وحيد لهم.
وفي أي لحظة، ستتوقف منجرة اليازجي، وهي مثال على الحالة التي وصلت إليها مصانع الأثاث في غزة، عن العمل بعد نفاد كميات الخشب التي يملكها، "وهذا يعني أنني أيضاً وما تبقى من عمال عندي، سنفقد مصدر رزقنا الوحيد، إن استمر الحظر الإسرائيلي على دخول الأخشاب".
وتسبب منع دخول الأخشاب إلى قطاع غزة بارتفاع أسعار الصناعات الخشبية والأثاث، ما أثقل حياة الغزيين في ظل ارتفاع نسب الفقر والبطالة، كما قال اليازجي.
ووصلت نسبة البطالة في قطاع غزة إلى 43%، بحسب الإحصاء الفلسطيني (حكومي)، فيما يحصل نحو 80% من سكان القطاع على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية، ولا يزال 40% منهم يقبعون تحت خط الفقر، وفق إحصائية صادرة عن البنك الدولي، في مايو/ أيار الماضي.
أما محمد مشتهى، صاحب شركة للصناعات الخشبية بغزة، فإنه يشكو من شح الأخشاب في الأسواق المحلية، الأمر الذي دفعه إلى تقليص أعمال شركته بشكل كبير، واستغنى هو الآخر عن عدد كبير من العمال لديه، حسب قوله.
ويضيف قائلاً: "يعاني قطاع غزة من نقص في مستلزمات الصناعات الخشبية، والمواد الخام اللازمة في صناعة الأثاث الخشبي، إذ يشكل هذا النقص عائقاً آخر يقف أمام محال النجارة وشركات الصناعات الخشبية، ويجبرها على إغلاق أبوابها".
ويشكو مشتهى من ارتفاع أسعار الخشب المتبقّي في الأسواق المحلية، "إذ ارتفع سعره لـ أربعة أضعاف قبل حظر دخوله للقطاع".
وحظرت إسرائيل نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إدخال الأخشاب التي يزيد سمكها عن 5 سم، بحسب وضاح بسيسو، أمين عام الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية، لمراسل الأناضول، مضيفاً: "بعد ذلك منعت إدخال الأخشاب التي يزيد سُمكها عن (2.5) سم".
وأكد أن الجانب الإسرائيلي بدأ تشديد القيود على إدخال الأخشاب التي يزيد سُمكها عن (1) سم، موضحاً أن إدخالها إلى قطاع غزة، يحتاج إلى تنسيق إسرائيلي يمتد إصداره من أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع.
ويتابع قائلاً: "الجانب الإسرائيلي يماطل في إصدار التنسيقات الخاصة بالسماح بإدخال الأخشاب من فئة (1) سم، كما أنه لا يصدره في الكثير من الحالات".
ووصف بسيسو القرار الإسرائيلي القاضي بمنع إدخال الأخشاب إلى القطاع بـ"المُجحف والكارثي"، مشيراً أن نتائجه ستكون "سيئة" على الاقتصاد الفلسطيني بغزة، "وسيهوي بالوضعين الإنساني والمعيشي نحو الأسوأ".
ويلفت إلى أن ما يقارب (150) ورشة ومنجرة في قطاع غزة، توقفت عن العمل بشكل كامل في الوقت الحالي، بسبب منع إدخال المواد الخام ومن بينها الأخشاب، محذرا من انضمام نحو (10) آلاف فلسطيني يعملون في قطاع الأخشاب، إلى صفوف البطالة.
وارتفع عدد العاطلين عن العمل، بعد الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، إلى قرابة 200 ألف، يعيلون نحو 900 ألف نسمة، وفق بيان لاتحاد العمال الفلسطينيين.
وأعلنت السلطات الإسرائيلية في فبراير/ شباط الماضي، عن جملة من التسهيلات للتجار الفلسطينيين في قطاع غزة، غير أن جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين تقول إن الإسرائيليين يعرقلون عمل التجار، ويحظرون إدخال العديد من أنواع البضائع، ويعتقلون عددا منهم بشكل مستمر (بلغ 17 تاجراً).
وتفرض إسرائيل حصاراً على قطاع غزة، منذ فوز حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، في الانتخابات البرلمانية، عام 2006، ثم شددته في منتصف عام 2007، بينما يعيش 1.8 مليون شخص في قطاع غزة، واقعاً اقتصادياً وإنسانياً قاسياً، في ظل تشديد الحصار الإسرائيلي.
نقلا عن الأناضول