بقدم واحدة، وعكازين، يقفز الشاب الفلسطيني محمد طوطح (27 عاماً) من حي الزيتون، جنوبي مدينة غزة، بخفة بين مواقف وشوارع وأزقة القطاع، برفقة التوك توك طلباً لرزق عائلته المكونة من أربعة أشخاص، وهو معيلهم الوحيد.
العشريني طوطح، مبتور القدم اليمنى في حرب الفرقان قبل سبعة أعوام، يحاول من خلال مهنته "المرهقة"، التغلب على الأزمات التي يمر بها قطاع غزة المحاصر منذ تسعة أعوام، ضارباً بعرض الحائط كل صفات الإحباط التي قد تحد من عزيمته.
إصرار الشاب الفلسطيني على توفير لقمة عيشه من عرق جبينه كان حافزاً له لتخطي كل العقبات التي واجهته منذ بداية عمله، وساعده على ذلك تشجيع أقربائه ومحبيه له، على الرغم من انعدام فرص العمل، والأوضاع الاقتصادية المتدهورة، في المدينة المحاصرة.
يقول طوطح درست حتى الثانوية العامة، لكنني لم أتمكن من إكمال تعليمي بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة التي كنا نعاني منها، إضافة إلى رؤيتي لآلاف الخريجين العاطلين عن العمل، دون أن يتمكنوا من الحصول على أي فرصة عمل تناسب شهاداتهم الجامعية.
وفي نهاية العام 2008، أطلقت الدبابات والطائرات الإسرائيلية قذائفها وصواريخها بشكل عشوائي على طول الشريط الشرقي لقطاع غزة، واستهدفت المنطقة التي تواجد فيها طوطح بعشرات الصواريخ، أُصيب على أثرها اصابة مباشرة في قدمه أدت إلى تهتك العظام، وشظايا في مختلف أنحاء جسدي.
ويضيف: "بعد عودتي من رحلة علاجية في مصر، مكثت في البيت مدة ستة شهور، وبعد أن تعافيت فكرت في شراء دراجة نارية بثلاثة إطارات كي أتنقل بها بين أصدقائي، لكن الجميع نصحني حينها بشراء توك توك للعمل عليه، وبالفعل قمت بشرائه، وأعمل عليه حتى اللحظة".
ويتابع طوطح، وقد ملأ الحماس صوته: "في بداية العمل كان الإقبال شديداً، وكان الجميع يحاول دعمي ومساندتي من خلال توفير الطلبات والنقلات، وعملت مع مكتب خاص بالنقل، أما الآن فأنا أعمل لحسابي الخاص، ويزداد العمل يوم الجمعة بسبب نشاط الأسواق".
ويشير إلى أنه تعرض للكثير من المواقف السلبية خلال عمله بسبب بتر قدمه، موضحاً: "في بعض الأحيان يفاجأ البعض من إصابتي، ويجيبوني باستهتار أنني غير قادر على هذا العمل، ويطلبون من المكتب عدم إرسالي لهم مرة أخرى، كنت أتعامل مع هذه المواقف بصدر رحب، وأجعله حافزاً لي، للاستمرار في العمل دون إحباط".
ومن أبرز الصعوبات التي يواجهها: أعطال الدراجة النارية، ونقص الوقود، وغلاء ثمنه، إضافة الى غلاء المعيشة.
نقلا عن العربي الجديد