أنهى الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة عامه العاشر وقد تخلله ثلاثة حروب أرهقت كاهل الغزيين وقيدت حركة السفر وخفضت عدد الشاحنات المدخلة إلى القطاع ترافقت مع عمليات هدم وتدمير للمنشآت الصناعية والتجارية التي قوضت البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني وزادت أعداد العاطلين عن العمل عندما منعت عمال إسرائيل الغزيين من الدخول لأراضيها.
واشتد الحصار بعد إعلان إسرائيل قطاع غزة "كيان معادي" اثر سيطرة حركة حماس على القطاع بعد أحداث حزيران 2007 وأعلنت إلغاء الكود الجمركي لقطاع غزة وبالتالي اشتد الوضع سوءا وأصبح على ما نراه اليوم من إغلاق تام لمعبر رفح وإغلاق لستة معابر تجارية كان يعتمد عليها القطاع.
الحصار في أرقام:
في إحصائية نشرها المركز الاورومتوسطي لحقوق الإنسان فقد فرضت إسرائيل شكلا غير مسبوق من أشكال العقاب الجماعي على قطاع غزة الذي يسكنه 1.957.194 مواطن في خمس محافظات 40% منهم يقعون تحت خط الفقر و80% يتلقون مساعدات دولية و73% من العائلات تواجه ارتفاعا في حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي وأكثر من 50% من الأطفال يحتاجون لدعم نفسي و55% من السكان يعانون من الاكتئاب و922.000 لاجئ بحاجة للمساعدات كل لاجئ بحاجة للطعام والماء والرعاية والصحية والمأوى والتعليم والحماية السياسية والأمن.
وبحسب التقرير فان 6 من كل 10 عائلات تعاني من انعدام الأمن الغذائي أي أن 27% نسبة الانعدام في الأمن الغذائي و16 % نسبة الانعدام متوسط في الأمن الغذائي و14% نقص في الأمن الغذائي.
كما أدى الحصار إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية فهناك عجز في 100.00 وحدة سكنية وانخفاض الناتج المحلي بنسبة 50% وبلغت نسبة انكماش القطاع الصناعي 60% وبلغ دخل الفرد خلال سنوات الحصار 32% اقل عن العام 1994 وانخفضت الصادرات إلى اقل من 4% مقارنة بما قبل الحصار ووصلت معدلات البطالة إلى معدل 43% وهي النسبة الأعلى في العالم .
وعلى صعيد الخدمات الأساسية 12-16 ساعة قطع للكهرباء يوميا و40% من السكان يتلقون 8-4 ساعات فقط من إمدادات المياه كل 3 أيام و90.000 متر مكعب من المياه العادمة تصب يوميا في مياه البحر المتوسط دون معالجة و90-95% من المياه غير صالحة للشرب وتعمل المشافي بأقل من 40% من إمكاناتها وتؤجل بعض العمليات في اكبر مشافي غزة "مستشفى الشفاء" لفترات تصل إلى 18 شهرا.
وعلى صعيد الحركة قيدت اسرائيل الحركة على المعابر وانخفض عدد المسموح لهم بالعبور عبر معبر بيت حانون 75% عنه في عام 2005 ويسمح لفئات محددة بالعبور كالحالات الانسانية والمرضية والعاملين في مجال الاغاثة وفي نوفمبر 2015 شددت اسرايل القوانين المتعلقة بالتصاريح لمرافقي المرضى تحت سن 55،ويعتبر معبر كرم ابو سالم المعبر التجاري الوحيد الذي يعمل من أصل خمسة معابر قبل الحصار بينما لم يفتح معبر رفح الى 20 يوما خلال 2015
الحصار جريمة حرب:
الحقوقي سمير زقوت أكد أن قطاع غزة يعيش أوضاعا مأساوية منذ اندلاع انتفاضة الأقصى الثانية في العام 2000 مبينا أن نسب البطالة ارتفعت بشكل مخيف بعد استهداف قوات الاحتلال للقطاع الخاص المشغل الأكبر للعمال في قطاع غزة مشددا ان منع العمال من دخول إسرائيل عمق الفجوة والمأساة.
وأكد زقوت أن إسرائيل بحصارها لقطاع غزة ارتكبت جريمة حرب لا تقل عن حروبها التي شنتها على القطاع مشددا أن الحصار عقاب جماعي ويندرج تحت إطار جرائم الحرب المنظمة.
وبين زقوت إلى أن إسرائيل قوضت أساس الحياة في قطاع غزة فهناك تدهور في كافة الخدمات الأساسية اللازمة لحياة الإنسان "الكهرباء والمياه والرعاية الصحية والتعليم وصحة البيئة ومياه الصرف الصحي والوصول إلى الأراضي الزراعية"، مؤكدا أن هذه حقوق أساسية وخدمات لا يمكن من دونها إعمال حقوق الإنسان التي تعاني من تدهور مستمر نتيجة الحصار المفروض على قطاع غزة.
وأكد زقوت على انتهاك وتدمير جملة حقوق الانسان نتيجة الحصار وحرمان كافة قطاع غزة من حق التنقل والحركة والسفر كالحق في الحياة لآلاف المرضى الذين ماتوا نتيجة عدم وصولهم الى مستشفياتهم وانتهاك الحق في التعليم لآلاف الطلاب الذين منعوا من الالتحاق بمقاعدهم الدراسية وانتهاك الحق في العمل لآلاف الموظفين الذين فقدوا فرص العمل في الخارج بسبب الحصار.
ودعا زقوت المجتمع الدولي وخاصة الدول الاطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة الى احترام التزاماتهم القانونية وملاحقة كل من يشتبه بارتكابهم جرائم حرب مؤكدا ان المجتمع الدولي تخلى عن واجبه القانوني ولم يمارس ضغط جدي على دولة الاحتلال لوقف الحصار التي أعلن مقرري الأمم المتحدة اكثر من مرة أنه يمثل عقاب جماعي ويندرج تحت إطار جرائم الحرب.
وشدد زقوت ان الحصار فعل محظور دوليا يجب على المجتمع الدولي أن يرفعه وإلزام إسرائيل على احترام التزاماتها القانونية والتوقف عن انتهاك قواعد القانون الدولي بما فيها الرفع الفوري للحصار.
حصار مدى الحياة:
رئيس الاورومتوسطي لحقوق الإنسان د.رامي عبدو أكد أن هناك حالة من عدم التأكد عما ستكون عليه الأوضاع والشعور بالإحباط لدى كل القطاعات الاقتصادية المختلفة في قطاع غزة وعلى صعيد السكان هناك حالة من اليقين والإحباط أن الأوضاع لن تتحسن في قطاع غزة في القريب العاجل.
وحذر عبدو من انهيار حقيقي وملموس في القطاعات الخدماتية في القطاع تحديدا في قطاع التعليم والصحة والخدمات بشكل عام.
وقال " الأفق لدى الشباب التي ولدت والحصار جاثم أفق مؤلم وهو ينعكس على شعور لدى كثير من السكان باليأس والإحباط"مضيفا:"غزة لا تعاني فقط من ازمة غذاء او دواء وإنما أزمة كرامة إنسانية حتى أن قدرة الناس على التكييف مع حالة الحصار تتآكل مع مرور الوقت".
ودعا عبدو العالم والمجتمع الدولي لان يقف عند مسئولياته وان يتوقف عن إغماض عينيه عن ممارسات القهر والإخضاع التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي داعيا المجتمع الدولي ان يتحمل مسئولياته اتجاه المؤشرات الخطيرة التي تنذر بانهيار كافة القطاعات الخدماتية في القطاع.
انتهاك الحق في الصحة نموذجا:
يستمر الحصار الإسرائيلي في تقويض حركة المرضى ومرافقيهم وكذلك دخول الأدوية والمستهلكات الطبية و قطع الغيار للأجهزة الطبية المعطلة في مستشفيات قطاع غزة في تجاهل تام للقانون الدولي الإنساني و اتفاقية جنيف الرابعة .
الدكتور اشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة أكد أن إسرائيل بحصارها على مدار عشر سنوات منعت كل أشكال الحياة وأزهقت الأرواح و لوثت التربة التي يعيش فيها والهواء الذي يتنفسه بحمم قنابلها وأسلحتها المحرمة دولياً والتي تشكل تهديدا مباشرا للأجيال المتعاقبة في ظل غياب الملاحقة الجنائية الدولية للاحتلال الإسرائيلي على جرائمه.
وأكد القدرة أن إسرائيل استهدفت بشكل ممنهج الخدمات الصحية المحمية بالقانون الدولي و اتفاقية جنيف الرابعة من خلال قصف عشرات المستشفيات و المراكز الصحية و تدمير سيارات الإسعاف وما تبعها من استشهاد و جرح عشرات الكوادر الطبية و هي في ميدان العمل.
ولفت الى ان اسرائيل خلال عشر سنين حرمت فيها مرضى قطاع غزة من مئات الأصناف الدوائية و المستهلكات الطبية الأساسية و التي وصلت في أحيان كثيرة الى نقص 50 % منها و حرمتهم كذلك من استكمال رحلتهم العلاجية والتدخلات الجراحية داخل مستشفيات المحافظات الشمالية و الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 و حولت المعابر التي تتحكم بحركتها الى اقبية للتحقيق والابتزاز والمساومة والاعتقال للمرضى ومرافقيهم.
يستمر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة دون أي أفق لرفعه من قبل سلطات الاحتلال بينما يدخل من ولد في العام 2006 من عمر الحصار أيضا 10 سنوات من أعمارهم لا يدركون معنى أن يعيشوا بدون حصار.
نقلا عن "معا"