يدقق المواطن من قطاع غزة، أحمد سالم (32 عاماً)، في ورقة نقود من فئة 100 شيكل إسرائيلي (28 دولاراً أمريكياً)، متفحصاً تفاصيلها عبر الضوء العابر من أحد النوافذ، ليتأكد أنها حقيقية وليست مزيفة، تجنباً لوقوعه مرة ثانية، ضحية "تزوير العملات".كانت المرة الأولى التي وقع فيها سالم، ضحية تزوير العملات، عندما تقاضى راتبه، مقابل أيام عمل قليلة في البناء، وتوجه ليشتري حاجيات منزله الأساسية من السوق، لكن البائع رفض استلام النقود قائلاً، "نقودك مزوّرة يا".
أحدث الإحصائيات الصادرة عن نيابة غزة الجزئية، تشير إلى إتلاف حوالي 48.9 ألف دولار أمريكي، إضافة إلى 64.5 ألف دولار شيكل مزورة، خلال العام 2013.لكن طارق لبدة، الناطق الإعلامي باسم وزراة الاقتصاد، قلل من تأثير وجود العملات المزورة في قطاع غزة على الاقتصاد الفلسطيني أو السوق المحلية.ويعتبر مبلغ 100 شيكل، بالنسبة للمواطن الغزي سالم، ذا قيمة، خاصة مع الوضع المالي الذي يعيشه، في مجتمع يعاني كل أسباب البطالة والفقر، بسبب الحصار الإسرائيلي المتواصل.وقال سائد عبدو، وكيل نيابة غزة الجزئية، "جريمتا تزييف العملة، وتداولها، هي جرائم عشوائية، فردية في قطاع غزة، إذ لا يوجد عصابات مشكّلة مهمتها تزييف العملات".وأوضح أن عام 2015، شهد تسجيل 51 قضية تداول عملة مزورة، فيما شهد عام 2014 تسجيل 63 قضية تداول للعملات المزورة، مشيراً أن عدد قضايا تداول العملات المزيّفة في تراجع منذ عام 2011، التي بلغ عدد القضايا حينها 86 حالة.وأرجع عبدو، انخفاض مستويات تداول العملات المزورة في عام 2015، مقارنة بالأعوام الأربعة الأخيرة، لسعي شرطة غزة، والنيابة، إلى إيجاد الردع العام بسبب ارتكاب جرائم ممثالة لتزييف العملات، كونها جريمة تؤثر بشكل مباشر على الوضع الإقتصادي بغزة.وعلى الرغم من أن جريمة التزييف وتزوير العملات بغزة، جريمة غير منظمة، إلا أنها تؤرق المواطن هناك، في ظل تردي الوضع الإقتصادي الذي يعيشه بالقطاع، بحسب تصريحات لأحمد كلخ، رئيس قسم التزييف والتزوير في المعمل الجنائي بوزارة الداخلية الفلسطينية.يقول كلخ، إن جريمة تزييف العملات لم ترتق في غزة إلى مستوى "ظاهرة"، "إلا أن وجودها يشهد نوعاً من الانتشار في السوق المحلية والتداولات اليومية بين المواطنيين (...)، ولاحظنا ظهور هذه الجرائم، بالتزامن مع انتشار التكنولوجيا في قطاع غزة، وآلات الطباعة الحديثة، التي تُعطي صورة طبق الأصل للصور المزيفة".وأدى سوء الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة، وتراجع السيولة بين أيدي المواطنين وارتفاع نسب البطالة والفقر، إضافة إلى النقص في بعض الفئات النقدية الورقية والمعدنية خلال فترات الأعياد والمناسبات، إلى وجود عملات مزيفة.ووفقا لتقارير أعدتها مؤسسات دولية، فإن 80٪ من سكان قطاع غزة باتوا يعتمدون، بسبب الفقر والبطالة، على المساعدات الدولية من أجل العيش، بينما تجاوزت نسبة الفقر المدقع في قطاع غزة الـ(40)%، وارتفعت البطالة لأكثر من (45)%، وفقاً الهيئة الوطنية لكسر الحصار وإعادة الإعمار.وعن أنواع العملات النقدية التي يتم تزويرها بغزة، يقول كلخ:" إما عملة الشيكل الإسرائيلية الورقية أو المعدنية، وعملة الدولار الأمريكية، واليورو الأوروبية".
عن "الاناضول"