يواظب المزارع الفلسطيني سالم الأغا يوميا على تفقد أشجار النخيل في أرضه، غربي مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة، خشية أن تعاود سوسة النخيل الحمراء غزو مزرعته، فيتكبد بسبب ذلك خسائر اقتصادية باهظة كما حدث معه في عام 2012.
وتعد سوسة النخيل الحمراء من أخطر الآفات التي تهاجم أشجار النخيل وتحديدا في منطقة الخليج العربي وقبل بضع سنوات وصلت السوسة الحمراء إلى بساتين غزة من دون سابق تحذير، الأمر الذي أدى إلى هلاك مئات الأشجار المثمرة وغير المثمرة.
وتنخر سوسة النخيل الحمراء، التي يبلغ طولها نحو 3 سنتيمترات وعرضها حوالى سنتيمتر واحد، في النخلة وتبيض داخلها ما بين 300 و400 يرقة تعمل بعد فقسها بشكل جماعي وسريع على النخر في جسم النخلة حتى تتآكل كليا وتصبح فارغة هشة.
ويوضح سالم، الذي يعد من أوائل المزارعين الغزيين الذين تضروا من سوسة النخيل، أن الحشرة دخلت إلى غزة عبر الحدود الفاصلة بين مدينتي رفح الفلسطينية والمصرية، مبينا أن السوسة تنتشر حاليا في مختلف أرجاء القطاع بعدما كانت تتركز في مدينتي خان يونس وبساتين دير البلح وسط القطاع.
ويقول الأغا إنه أعدم في عام 2012 قرابة 70 نخلة مثمرة أصيبت بسوسة النخيل الحمراء، من أصل 400 نخلة مزروعة في أرضه التي تبلغ مساحتها 5 دونمات (الدونم يعادل ألف متر مربع)، وعلى إثر ذلك تكبد خسائر مالية تفوق خمسة آلاف دولار.
ولفت المزارع سالم إلى أن وزارة الزراعة وبالتعاون مع بعض المؤسسات الدولية والجهات الأهلية كثفت من عمليات مكافحة السوسة في السنوات الأولى لدخولها إلى غزة، ولكن مستوى المكافحة بدأ يتراجع تدريجيا إلى أن وصل لنقطة الصفر خلال الوقت الجاري، رغم أن السوسة ما زالت منتشرة.
وتتميز سوسة النخيل بلونها البني المائل للاحمرار مع وجود نقط سوداء متفرقة وسطها ولها خرطوم طويل عند مقدمة الرأس ينتهي بأجزاء فم قارصة وقوية "كالمنشار".
أما المزارع حامد أبو موسى فأوضح أن اسم سوسة النخيل الحمراء يبعث في نفوس مزارعي النخيل دون استثناء الخوف والقلق؛ خشية من اقتحام السوسة الحمراء لبساتينهم من دون سابق إنذار، الأمر الذي يجعلهم عرضة لخسائر كبيرة في ظل تردي أوضاعهم الحياتية والاقتصادية.
وأرجع أبو موسى خطورة سوسة النخيل لسببين، يتعلق الأول بسرعة انتشارها وتكاثرها داخل الحقل الواحد أو في جسم النخلة ذاتها، وكذلك بسبب استمرار دورة حياتها طوال أيام العام خاصة في الأوقات التي تكون فيها أشجار النخيل على وشك طرح إنتاجها في الأسواق التجارية.
ولفت إلى أن إهمال معالجة سوسة النخيل الحمراء قد يدمر مزارع نخيل بشكل كامل كما حدث في عامي 2011 و2012، داعيا طواقم وزارة الزراعة في غزة لتكثيف جهودها للحد من انتشار الآفة ومحاصرتها قدر المستطاع.
وذكر المزارع حامد أن السوسة تهلك غالبا أشجار النخيل التي تجاوز عمرها العشر سنوات وكذلك تضعف جودة إنتاج النخلة التي تصاب بالسوسة الحمراء بشكل طفيف، موضحا أن السوسة الحمراء تؤثر على المزارع والاقتصاد المحلي بشكل مباشر وغير مباشر.
ويمنع الاحتلال الإسرائيلي، ضمن إجراءات الحصار المشدد المفروض على غزة منذ قرابة العقد، إدخال المواد الكيمائية اللازمة لمكافحة الحشرة بشكل فعال وسريع الأمر الذي ساهم في تفاقم خطر السوسة الحمراء وزاد من رقعة انتشارها.
وتستخدم عدة طرق لمكافحة سوسة النخيل أبرزها، المركبات الكيمائية وغاز التعقيم والحرق بالإضافة إلى نصب المصائد داخل البساتين وفي المناطق الحدودية، في حين يتم التخلص من النخلة المصابة إذا تجاوزت نسبة الإصابة لـ 50% ووصلت لمرحلة الخطر الشديد.
وأكد مدير عام وقاية النبات في وزارة الزراعة بغزة، وائل ثابت، أن سوسة النخيل الحمراء باتت منتشرة في جميع أنحاء قطاع غزة وتشكل تهديدا حقيقيا لبساتين النخيل دون استثناء، مشيرا إلى أن طواقم الوزارة اكتشفت وجود الحشرة في غزة بشهر سبتمبر/أيلول 2011.
وذكر ثابت أن الحشرة انتشرت في بداية الأمر ببساتين المنطقة الوسطى، الأمر الذي دفع الوزارة إلى فرض الحجر الزراعي على بساتين المنطقة كافة، ولكن بسبب ضعف إمكانات الوزارة ازدادت رقعة انتشار الحشرة بشكل سريع.
وأوضح أن الوزارة أجرت بعد اكتشاف السوسة مسحا شاملا على أشجار النخيل، ليتبين أن نحو 16% من أشجار النخيل مصابة بالسوسة الحمراء، لافتا إلى أنه في عام 2012 أعدمت الوزارة نحو 1660 شجرة نخيل كانت مصابة بالسوسة.
ويزرع في قطاع غزة العديد من أصناف النخيل، ويوجد نحو 8 ألف دونم مزروعة بالنخيل، منها 5 آلاف شجرة مثمرة و3 آلاف غير مثمرة، بينما دمر الاحتلال خلال عدوانه الأخير صيف عام 2014، نحو 700 شجرة نخيلٍ مثمرة.
وتكبّد مزارعو القطاع خلال السنوات التسع الماضية خسائر مالية باهظة نتيجة اعتداءات الاحتلال المتكررة عليهم وتجريف مئات الدونمات الزراعية خاصة في المناطق الحدودية القريبة من السياج الفاصل، إلى جانب تدمير آبار المياه وشبكات الري والتوزيع.
نقلا عن العربي الجديد