النسيج اليدوي في غزة .. صناعة مهددة بالزوال
AHC: 0.80(%)   AIB: 1.09(0.00%)   AIG: 0.17(%)   AMLAK: 5.00(%)   APC: 7.25(%)   APIC: 2.20(2.22%)   AQARIYA: 0.78(%)   ARAB: 0.78(4.00%)   ARKAAN: 1.31(0.00%)   AZIZA: 2.71(%)   BJP: 2.80(%)   BOP: 1.49(%)   BPC: 3.74(1.58%)   GMC: 0.76(%)   GUI: 2.00(%)   ISBK: 1.12(%)   ISH: 0.98(%)   JCC: 1.50(3.23%)   JPH: 3.58( %)   JREI: 0.28(%)   LADAEN: 2.50( %)   MIC: 2.47(%)   NAPCO: 0.95( %)   NCI: 1.75(2.94%)   NIC: 3.00(0.33%)   NSC: 2.95(%)   OOREDOO: 0.78(%)   PADICO: 1.02(%)   PALAQAR: 0.42(%)   PALTEL: 3.98(0.25%)   PEC: 2.84(%)   PIBC: 1.09(0.91%)   PICO: 3.50(%)   PID: 1.90(%)   PIIC: 1.72(4.44%)   PRICO: 0.30(%)   PSE: 3.00(%)   QUDS: 1.08(0.93%)   RSR: 4.50(0.00%)   SAFABANK: 0.68(3.03%)   SANAD: 2.20(%)   TIC: 2.98(%)   TNB: 1.20(0.00%)   TPIC: 1.94(%)   TRUST: 2.85(%)   UCI: 0.40(%)   VOIC: 5.29(%)   WASSEL: 1.00(0.00%)  
12:00 صباحاً 18 كانون الثاني 2016

النسيج اليدوي في غزة .. صناعة مهددة بالزوال

ما إن تدخل "بيت البُسط" في قرية الفنون والحرف غرب مدينة غزة، حتى يأسرك عبق التراث، المكان لا يتجاوز الأمتار الأربعة طولًا وعرضًا، بدا ملغومًا بالمشغولات اليدوية المنسوجة من الصوف، يمينًا معلقات جدارية بديعة التصميم، فيما تفترش بُسط مختلفة الأحجام أرضية المكان، يعتليها مفارش ووسائد بتصاميم إبداعية متنوعة، جميعها تنتظر زائرًا يُنفق مالًا لاقتناء بعضها، لكنه لا يأتِ غالبًا.

ويُعد النسيج اليدوي من أعرق الصناعات التقليدية التي اقترنت بشكل جذري بحياة الفلسطيني وتاريخه وتراثه وحضارته منذ زمن بعيد وتركزت في مدينتي الخليل وغزة التي انتقلت إليها بعد نكبة عام 1948 مع هجرة أبناء المجدل إليها والذين اشتهروا بصناعة وحياكة السجاد اليدوي والبسط التقليدية، ويُشير رواد المهنة الذين بقوا متمسكين بها وحافظين لتاريخها، أنها كانت أحد أهم روافد الاقتصاد لدى العشائر في جنوب فلسطين، لكنها لم تعد كذلك أبدًا.

تراث عريق

في "بيت البسط" كان يجلس "أبو سائد الشوبكي"، في منتصف العقد السادس من عمره، خلف النول الخشبي، لقد بدا منشغلًا بإنتاج بعض القطع علّها تجد طريقًا للتصدير أو سبيلًا للبيع في السوق الفلسطيني، يؤكد الرجل لـ"الحدث" أنه يُجاهد من أجل عدم اندثار مهنة النسيج اليدوي التقليدي.

وبحسب "الشوبكي" الذي ورث المهنة عن آبائه وأجداده فإن تطور عمليات ومراحل تصنيع البُسط لم ينَّل من أصالتها كتراث، وإنما قلل فقط من الجهد المُلقى على العاملين في المهنة فبات يقتصر على إبداع النسج بروح الأصالة والتراث.

ويلفت الشوبكي إلى المراحل التي كانت تمر بها الصناعة ابتداءً من إحضار الصوف ومن ثمَّ إدخاله إلى ماكينة "الكرداشة" التي تُنتجه كـ"شعر البنات"، مرورًا بتحويله عبر الغزالات إلى خيوط طويلة،  وصولًا إلى عملية الصباغة بالألوان المطلوبة وتثبيتها أخيرًا عبر الغسل في ماء البحر لتكون جاهزة بعد جفافها للتصنيع بواسطة النول الخشبي".

يبتسم المسن "الشوبكي" مستذكرًا تلك الفترة، وما يلبث أن يُخبرنا أن المراحل السابقة لم تعد قائمة، ويُضيف :"منذ العام 1967 باتت خيوط الصوف تأتي مُصنعة جاهزة إلى قطاع غزة عبر "إسرائيل"، ويُشير "الشوبكي" أن دخول الخيوط مغزولة ومصبوغة جاهزة وسع من انتشار المهنة في القطاع وباتت مئات العائلات تتخذها مصدرًا لرزقها.

 

مهارة ودقة

وتُخبرك القطع التي أنتجها هذا المُسن بألوانها المتناغمة ودقة غزلها وروعة تصميمها، بمدى مهارته وشدة إتقانه للصنعة منذ كان فتىًّ، يقول لنا :" هذه المهنة تحتاج إلى خبرة ودقة وسرعة عالية في العمل، ناهيك عن الصبر كونها تحتاج إلى وقت وجهد طويل"، معقبًا "لا أحد يُجيدها بسهولة".

وتحتاج عملية صناعة البساط أو السجادة اليدوية قرابة الشهرين وفقًا لطوله ودقة الرسوم التي يحتويها، وسرعة العامل الذي يقوم بالصنع.

وحول عملية الصنع وآليته يُحدثنا "الشوبكي" أنها تبدأ بلف خيوط الصوف الملونة على "المكوك" ومن ثمَّ يبدأ يُمررها على آلة "النول الخشبي" المنثور عليها خيوط بيضاء مفرقة بشكل طولي، ويُضيف :"بعدها يتم ضرب مشط آلة النول يدويًا بشكل قوي لتعمل على تشبيك الخيوط بعضها ببعض بشكل متساوِ ومتلاصق تمامًا دونما فراغ أبدًا".

يُكرر "الشوبكي" هذه العملية بسرعة فائقة ومهارة عالية حتى ينتهي من صناعة البساط أو الجدارية، ويؤكد هنا لـ "الحدث"، أنهم وفي محاولة لمواكبة التطور وحفظ التراث اتجهوا إلى صناعة اللوحات الفنية والصور الطبيعية والمعلقات لتُعبر عن الهوية الفلسطينية، لكنها تواجه أزمة التسويق.

على حافة الاندثار

من ناحيته يؤكد إبراهيم الصّواف (45عامًا) صاحب ورشة لتصنيع السجاد اليدوي، أن المهنة باتت على حافة الاندثار، وينتقد الصّواف الذي ورث المهنة عن أبيه وجده حالة عدم الاهتمام وضعف الدعم الرسمي لمنتهة كونها موروث حضاري وتاريخي يؤصل للهوية الفلسطينية، يقول :"الاهتمام يقتصر على المناسبات الوطنية فقط ولأيام معدودة فقط" مطالبًا بضرورة إيجاد دعم رسمي لهذه المنتجات بتوفير فرص لتصديرها إلى الضفة الغربية والخارج بما يُحقق إنعاشًا لها.

وخلال العقدين الأخيرين، واجهت المهنة أسوء الظروف وبدأت في الاندثار، والأسباب وفق "الصواف" إغراق الأسواق الفلسطينية بالنسيج الصناعي المستورد، ناهيك عن الحصار الذي قضى على فرص تصدير الإنتاج الفلسطيني إلى الخارج، ويقول:"منذ العام 2000 حُرمنا من تصدير إنتاجنا وتكبدنا خسائر كبيرة أعجزتنا عن المواصلة في العمل وحفظ التراث"، خاصة في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية عمومًا في القطاع وارتفاع نسبة الفقر بين المواطنين نتيجة لفقدانهم أعمالهم، مؤكدًا أن :"عزوف الناس عن اقتناء مصنوعات النسيج اليدوي بسبب أوضاعهم الاقتصادية، أثمر ضعفًا كبيرًا في المردود المالي من المهنة".

 

 

نقلا عن الحدث

 

Loading...