يبدو أن تركيا بدأت بتنفيذ اتفاقات مبدئية مع الجانب الإسرائيلي بعد المشاورات التي تمت قبل عدة أسابيع، ويتضمن التحرك نحو التخفيف من وطأة الحصار المشدد المفروض على قطاع غزة وسكانه منذ أكثر من ثماني سنوات متواصلة، وتسبب في تفاقم أوضاعهم الإنسانية والمعيشية والاقتصادية، وأوصلها لمرحلة الخطر.
الخطوة التركية الأولى، سيبدأ أهل غزة بالتقاط ثمارها بعد تخلي القريب والبعيد عنهم، وتمثلت بإرسال شاحنة كبيرة تحمل 3500 طن من الأسمنت التركي، إلى غزة عبر ميناء أسدود الإسرائيلي، للمساعدة في تنفيذ مشاريع إعمار وبناء ما خلفته الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع صيف 2014، كما سيشمل التحرك التركي دخول شاحنات أخرى محملة بالمواد التموينية والسلع الأساسية لسكان القطاع.
وبحسب مراقبين، فإنه في حال دخول المواد التركية "الأسمنت والغذائية" للقطاع، ونظراً لجودتها العالية وانخفاض ثمنها، فستكون منافساً قوياً للبضائع التي يتم تهريبها من مصر عبر الأنفاق، أو مواد البناء التي تدخل غزة بكميات هائلة خلال أيام فتح معبر رفح البري.
- دعم مشاريع إعمار غزة
نبيل أبو معيلق، نائب رئيس اتحاد المقاولين الفلسطينيين، أكد أن الشحنة التركية الأولى من الأسمنت التركي التي وصلت قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم التجاري، سيتم الاستفادة منها لصالح السكان الذين هُدمت بيوتهم بفعل الحرب الإسرائيلية الأخيرة.
وقال أبو معيلق، لمراسل "الخليج أونلاين" في غزة: إن "الشحنة التركية خطوة هامة، وستُساهم بشكل كبير في توفير مواد البناء اللازمة لإعادة إعمار منازل الفلسطينيين التي دمرت في الحرب الأخيرة، وما تزال حتى اللحظة لم تُنجز بشكل كامل".
وأوضح أن آلية توزيع شحنة الأسمنت التركية في القطاع، ستتم عبر الشروط المتفق عليها وضمن آلية المراقبة الموضوعة في توزيع مواد البناء على المتضررين والمستفيدين في القطاع، مشيراً إلى أن "الشاحنة التركية تخضع للتفتيش والرقابة الصرامة من قبل الجانب الإسرائيلي وفق خطة الأمم المتحدة".
ولفت إلى أن "القطاع الخاص ما يزال يعاني من المنظومة الدولية التي تحظر إدخال الأسمنت إلى غزة كما كان سابقاً، وتفرض قيوداً مشددة على بيعه".
وكشف أبو معيلق أن تركيا ستُرسل شاحنة أخرى من الأسمنت خلال أيام تحمل ما يقارب الـ 2000 طن من الأسمنت، موضحاً أن الشحنة الجديدة ستصل غزة عبر معبر كرم أبو سالم بعد تفريغها في ميناء أسدود الإسرائيلي.
وذكر أن "كميات الأسمنت الإسرائيلي التي تدخل القطاع لا تكفي لتنفيذ مشاريع الإعمار بغزة وتسبب بتأخيرها بشكل كبير، إلا أن مساعدة تركيا بهذا الجانب ستساهم بشكل إيجابي في الإسراع بتنفيذ مشاريع الإعمار".
ويورد الأسمنت الإسرائيلي إلى قطاع غزة منذ سنوات من خلال شركة "سند" للصناعات الإنشائية الوكيل الحصري لشركة "نيشر" الإسرائيلية، ويقدر استهلاك غزة من الأسمنت سنوياً في الوضع الطبيعي، ما يقارب المليون طن، مضافاً إليه ما يزيد عن نصف مليون طن مخصصة لإعادة الإعمار ولفترة زمنية لا تقل عن 5 سنوات.
- دعم تركي مستمر
بدوره أكد زاهر أبو جبة، رئيس مجلس إدارة شركة "ناشونال ستيل" التجارية الفلسطينية، أن "التعاون مع تركيا في إدخال مواد البناء إلى قطاع غزة، سيستمر خلال الشهور المقبلة وبصورة إيجابية ستساعد في الإسراع بتنفيذ مشاريع الإعمار المعطلة بالقطاع".
وأوضح أبو جبة لمراسل "الخليج أونلاين"، أنه تم توقيع اتفاقيات مع الجانب التركي ومصانع الأسمنت لشراء 50 ألف طن من الأسمنت، ستُرسل للقطاع عبر شاحنات بحرية على فترات لا تتجاوز الشهور الثلاثة حتى وصول جميع الكمية المطلوبة".
وأشار إلى أن الأسمنت التركي يتمتع بجودة عالية، ويختلف تماماً عن كميات الأسمنت الموجودة في السوق الفلسطينية المحلية، موضحاً أن وصول الـ 50 ألف طن خلال الشهور الثلاثة المقبلة، سيحقق نقلة نوعية في تسريع وتيرة الإعمار "البطيئة" للمنازل والمنشآت.
ولفت إلى أن كمية الأسمنت التركية التي ستصل غزة تباعاً، ستوزع بحسب الطريقة المعهودة والتي وضعتها الأمم المتحدة، وأن قطاع غزة "بحاجة إلى تحريك عجلة الإعمار التي باتت متوقفة بفعل نقص مواد البناء، وكذلك الشروط الإسرائيلية التعجيزية التي تضعها لإدخالها للقطاع".
ووافقت إسرائيل على إدخال كميات من الأسمنت، إلى قطاع غزة تحت إشراف الأمم المتحدة؛ لإعمار ما دمرته الحرب الأخيرة.
وشنّت إسرائيل حرباً على قطاع غزة في صيف 2014، أسفرت عن هدم 12 ألف وحدة سكنية بشكل كلي، فيما بلغ عدد البيوت المهدمة جزئياً 160 ألف وحدة، منها 6600 وحدة غير صالحة للسكن، بحسب وزارة الأشغال العامة الفلسطينية.
- بديل للبضائع المصرية
من جانبه، رأى الخبير في الشأن الاقتصادي عدنان أبو غزالة، أن بدء إدخال المواد والسلع التركية إلى قطاع غزة، ضمن اتفاق مع إسرائيل، سيُساهم بشكل كبير في توفير كميات من السلع التي يحتاجها القطاع بشكل دائم.
وأوضح أبو غزالة لمراسل "الخليج أونلاين" في غزة، أن "نقلة اقتصادية كبيرة سيشهدها القطاع في حال بدأت تركيا بإدخال السلع والمواد التموينية للقطاع"، مشيراً إلى أن عملية استهلاك تلك المواد فور وجودها في السوق الفلسطينية ستكون كبيرة.
وأرجع زيادة استهلاك السلع التركية في غزة، إلى عدة أسباب ذكر منها جودة المواد والسلع التركية مقارنة بنظيرتها المصرية، وكذلك سعر تلك المواد المنخفض عن السلع المتوفرة في السوق سواءً التي يتم تهريبها من مصر أو عن طريق الجانب الإسرائيلي.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أنه في حال استمرار تركيا بتوريد بضائعها المختلفة والأساسية للقطاع، ولم يُعطل الاحتلال عملية دخولها، فستكون خلال شهور فقط بديلة عن كل البضائع التي يتم تهريبها عبر الجانب المصري.
وأضاف: "البضائع التركية بكل أشكالها والتي ستدخل القطاع بصورة تدريجية بحسب الاتفاقات التي جرت بين تركيا وإسرائيل، ستنعش السوق الفلسطينية وتخلق حالة من المنافسة، وسيكون المستهلك المحاصر بغزة هو المستفيد الأول من ذلك".
عن الخليج اونلاين