رام الله- الاقتصادي-وفاء الحج علي- لطالما زيّنت أشجار الجوافة مدينة قلقيلية، التي ما إن تدخلها صيفًا حتى تشتم رائحتها التي تميّزها عن أي جوافة أخرى.
لكن بعد أن شنّ الاحتلال الإسرائيلي حربًا على حمضيات قلقيلية، بقيت الجوافة وحيدة تحاول التعويض عن الخسائر التي تكبدها المزارعون، الذين قرّروا لاحقًا استغلال أراضيهم وإدخال "الأفوكادو"، التي قد يبلغ طول شجرتها الستة أمتار، والتي تعد من الزراعات الجديدة نسبيًا في فلسطين.
خمسمائة دونم مزينة بخضار عشرة آلاف شجرة أفوكادو، أو النبتة الناعمة كما يصفها القلقيليون، تتوسع في كل عام، حتى باتت هذه الزراعة تنافس جوافة قلقيلية الشهيرة.
الأفوكادو استثمار جديد
يقول المزارع أبو حمزة، الذي ورث مهنته أبا عن جد، أنه يذكر في السبعينيات والثمانينيات أن المحافظة اشتهرت بزراعة الحمضيات، التي كانت تصدّر لكل دول العالم، لكن الاحتلال لم يرد ازدهار برتقال قلقيلية، لذا شهدت زراعتها انتكاسة ولدّت خسائر لمزارعي المحافظة.
ويضيف: "عندها بدأ المزارعون بالتعويض عن هذا النقص بزراعة الجوّافة، مستغلين الجو شبه المناخي في قلقيلية، والحرارة العالية ووفرة المياه فيها، ثم بدأوا بزراعة الأفوكادو الذي بات ينتج في قلقيلية وطولكرم لتأكل منه كل فلسطين، فهي زراعات ذات مردود وربح جيدين، وهي لا تنمو إلا في مناطق مثل قلقيلية، لذا فزراعتها عبارة عن ربح لنا نحن المزارعين وللمستهلك الفلسطيني أيضًا".
ويتابع: "بدأ اهتمام المزارعين في زراعة الأفوكادو خلال تسعينيات القرن الماضي، إلا أنها لم تكن زراعة رائجة في تلك الفترة، لكن في العام 2000، توسعت الأراضي المزروعة بهذه الفاكهة، كي لا تحرم فلسطين منها، لذا بدأ فلاحو قلقيلية بإعطائها مزيدا من الاهتمام، حتى باتت الآن تنافس جوافتنا الشهيرة".
الأفوكادو ليس بديلاً
أبو حمزة الذي يقتني أربعة دونمات مزروعة بالافوكادو والجوافة (ثلاثة ونصف دونم زرعها بالأفوكادو ونصف دونم بالجوافة)، يؤكد أن "هناك اهتماما كبيرا بزراعة الأفوكادو وإنجاحه، لكن ما زال القلقيليون متمسكين بشجرة الجوافة، التي تعد فاكهة الفقير"، قائلاً: "جوافة قلقيلية مشهورة في كل البلاد، وهي تمكنت من اكتساح أسواق خارجية، لذا من الصعب التخلي عنها، فهي شجرة الفقير التي تعطيك الكثير مقابل القليل، وهي لا تحتاج لوقت كبير قبل أن تثمر، حيث يمكنك الاستفادة من ثمارها بعد سنة من زرعها".
ويبيّن أن دونم من شجر الأفوكادو يحقق مردودًا يبلغ عشرة آلاف شيقل للموسم، إذا كان الموسم جيدًا.
زراعات جديدة تحتل المحافظة
"الافوكادو الفلسطيني، الذي لا يزرع إلا في محافظتي قلقيلية وطولكرم، يحتاج إلى 5 سنوات ليثمر، إلا أن هذا لم يمنع القلقيليون من زراعته والاستفادة من مردوده، علّه بات من معالم المحافظة إلى جانب الجوافة"، يقول أبو حمزة، مضيفًا أن: "قلقيلية تطفو على بحر من الماء العذبة"، ما يخولها بالتأكيد على أن تسمي نفسها سلّة الأوفكادو الفلسطينية.
لكن ما يرجح الكفة لصالح الجوافة بالإضافة إلى سرعة إنتاجها، هو رخص شتلة الجوافة إذا ما قورنت بالأفوكادو (شتلة الجوافة تباع بعشرة شواقل، في حين تباع الأفوكادو بـ75 شيقلا وأكثر).
ويؤكد أبو حمزة أن الكثير من الزراعات التي يؤتى بها من جنوب شرق آسيا والمناطق الاستيوائية تشق طريقها نحو محافظة قلقيلية، مبينًا أن المزارعين يحاولون إدخال زراعات جديدة مثل الفرسمون (الكاكا)، والليخة، والليتشي، وهي زراعات جديدة بالنسبة للمستهلك الفلسطيني.