الاقتصادي- آفاق البيئة والتنمية- مدى شلبك- تأسست محطة التنقية الغربية في دير شرف بنابلس كاستجابة للحاجة الملحة لمعالجة مياه الصرف الصحي المتزايدة في الضفة الغربية. مشروع المحطة، الذي بدأ في عام 1998، واجه تحديات سياسية كبيرة، ولكنه تطور ليصبح أحد أهم المحطات البيئية في الضفة الغربية. اليوم، تلعب هذه المحطة دوراً حيوياً في معالجة المياه العادمة، مع تأثيرات بيئية وزراعية كبيرة، ولكن هناك جدل حول كيفية استغلال الاحتلال الإسرائيلي لهذه الثروة المائية.
بالمعدل، فإن كمية مياه الصرف الصحي السنوية في الضفة الغربية وقطاع غزة تصل إلى 5.1 مليون متر مكعب. وفقاً لجهاز الإحصاء الفلسطيني، فإن كمية المياه المعالجة في الضفة وحدها، بلغت حوالي 12.4 مليون متر مكعب خلال عام 2020. هذه المياه العادمة تتم معالجتها في عدة محطات تنقية، من بينها محطة التنقية الغربية في دير شرف، والتي تسهم في تحويل المياه العادمة إلى مورد صالح للاستخدام البيئي والزراعي.
صعوبة البدايات
انطلقت فكرة إنشاء محطة التنقية الغربية بنابلس عام 1998، إلا أن المشروع تأخر بسبب اندلاع الانتفاضة الثانية. أشار سليمان أبو غوش، مستشار وحدة تنفيذ المشاريع في بلدية نابلس، إلى أن "العمل الفعلي على المحطة بدأ عام 2009 واكتمل في عام 2013". المحطة التي تقع على مساحة 110 دونمات، أُنشئت بهدف معالجة مياه الصرف الصحي في المنطقة وتحويلها لمورد مفيد.
تُعالج محطة التنقية الغربية حوالي 15 ألف متر مكعب من المياه العادمة يومياً، وتحولها لمياه مطابقة للمعايير البيئية، تُستخدم في ري المزروعات. وفق مهندس مشاريع إعادة الاستخدام في بلدية نابلس يزن عودة، فإن "المحطة تستغل تلك المياه غير الملوثة في ري المزروعات وتساهم في تحسين جودة البيئة المحيطة".
استغلال الاحتلال للمياه المعالجة
رغم الفوائد البيئية والزراعية التي تجنيها نابلس من مياه المحطة، إلا أن الاحتلال الإسرائيلي يستفيد كذلك من فائض المياه المعالجة، بسبب سوء الإدارة الفلسطينية للمحطة، وبالتالي غياب الاستخدام الأمثل للمياه المعالجة. أشار عودة إلى أن "الاحتلال يقوم باستخدام المياه المعالجة لري المحاصيل في المستوطنات، وأيضاً تُباع المنتجات الزراعية الناتجة عنها في الأسواق الفلسطينية".
كما أشار عودة لـ "آفاق" إلى أن المياه المعالجة الفائضة تصل لداخل الخط الأخضر بعد إلقائها في الأودية، ويقوم الاحتلال بخصم مبلغ مالي مقابل كل كوب منها، من المقاصة، باعتبار أنها مياه عادمة".
وأوضح أن ما يستخدم من الإنتاج اليومي للمحطة لا يتعدى ألف متر مكعب من مجموع 15 ألف متر مكعب، وتُلقى باقي المياه المعالجة في الأودية. وأشار إلى بلدية نابلس زرعت حوالي 30 دونماً داخل المحطة للاستفادة من المياه المعالجة، بالإضافة إلى تزويد مزارعين في المنطقة بالمياه لري محاصيلهم على مساحة 80 دونماً.
المشاريع المستقبلية والتحديات
بالرغم من الجهود المبذولة لتوسيع نطاق استفادة الفلسطينيين من المياه المعالجة، يظل الاحتلال عائقاً أمام تطوير هذه المشاريع. ذكر أبو غوش أن "الاحتلال أوقف العمل على مشروع مد خطوط ناقلة للمياه المعالجة منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2023 حتى أيار/مايو 2024، ما أعاق تنفيذ المشروع الذي كان من المتوقع أن يستخدم 30% من الإنتاج السنوي للمحطة". وأضاف أن "المستوطنين في المناطق المحاذية للمحطة يعتدون على الأراضي الزراعية، ما يشكل تهديداً مباشراً للمزارعين المستفيدين من المشروع".
وفي السياق ذاته، أشار أبو غوش إلى أن "مشروعاً أنشئ خصيصاً لاستغلال الفائض من المياه المعالجة، بدأ عام 2018، وبلغت كلفته 12 مليون يورو بتمويل من بنك التنمية الألماني، وهو الأول في الضفة الغربية، والهدف منه ري حوالي 3000 دونم بالمياه المعالجة". وأضاف: "أنجز 70% من المشروع، ويتضمن الجزء الأول منه تدشين مضخات ووحدات معالجة ثلاثية وخزان وخطوط ناقلة للمياه، فيما يخدم المشروع مزارعي قرى رامين وبرقة وسبسطية ودير شرف."
وشدد أبو غوش لـ "آفاق" على "ضرورة تنفيذ مشاريع إيصال المياه المعالجة إلى مناطق أبعد، مثل الأغوار، لضمان الاستفادة القصوى من مياه المحطة وتجنب استغلال الاحتلال لها". كما أشار إلى أهمية استمرار الجهود المبذولة من قبل البلديات والجهات المعنية لتعزيز الاستفادة من هذا المورد البيئي الهام.